للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو كان المشتري الأول شفيعًا للدار فاشتراها الشفيع الحاضر منه، ثم قدم الغائب؛ فإن شاء أخذ نصف الدار بالبيع الأول، وإن شاء أخذ الكل بالبيع الثاني؛ لأن المشتري الأول لم يثبت له حق قبل الشرى (١) حتى يكون بشرائه مقيضًا (٢) عنه، فبقي هو شفيعًا في البيع الأول، فلا يكون للغائب بسبب البيع الأول إلا النصف.

وأما العقد الثاني فقد ثبت للشفيع الحاضر حق الشفعة بسبب البيع الأول، فإذا اشترى سقط حقه عن البيع الأول، ولم يتعلق بعقده حقٌّ [له] (٣)؛ لكونه معرضًا، فلذلك كان للغائب أن يأخذ الكل بالبيع الثاني، هذا كله من «المبسوط» (٤)، و «الذخيرة» (٥).

وفي الفصل الثاني عشر من «الذخيرة» أيضًا: «ودار (٦) بيعت ولها شفيعان أحدهما غائب، فطلب الحاضر نصف الدار على حسبان أنه لا يستحق إلا النصف بطلت شفعته.

وكذلك لو كانا حاضرين؛ فطلب كلُّ واحد منهما نصف الدار بطلت شفعة كل واحد منهما، والشفعة تجب بعقد البيع، ومعناه بعده لأنه (٧) هو السبب؛ لأن سببها الاتصال (٨).

وهذا التأويل الذي ذكره، والتعليل الذي علل به مخالف لعامة روايات الكتب من «المبسوط» و «الذخيرة» و «المغني» وغيرها.

وقد ذكرنا فساد قول من يقول بأن سببها الاتصال لا غير، لما أنه لو سلم الشفعة قبل البيع لا يبطل (٩) شفعته، ولو كان سببها الاتصال لا غير لبطلت شفعته لوجود التسليم بعد السبب، ولا اعتبار لوجود الشرط بعده في حق صحة التسليم؛ كأداء الزكاة قبل الحول، وإسقاط الدَّيْن المُؤجَّل بالإبراء قبل حلول الأجل.

وقد ذكر في/ الباب الأول من شفعة «المبسوط»، فقال: «ولو سلم الشفعة قبل الشراء كان ذلك باطلاً؛ لأن وجوب حقه بالشراء والإسقاط قبل وجود سبب الوجوب يكون لغوًا؛ كالإبراء عن الثمن قبل البيع»، وهذا لفظه بعينه؛ فقد ألحق وجوب الشفعة بوجوب الثمن والشراء بالبيع، ولا شكَّ أن السبب بوجوب (١٠) الثمن على المشتري هناك بيع البائع؛ فيجب أن يكون هاهنا أيضًا سبب وجوب الشفعة للشفيع شراء المشتري، مع أنه صرح باسم سبب وجوب الشفعة هو الشراء، على ما ذكرنا، وهذا يقضي أن يكون الشراء كل السبب، فلا أقل من أن يكون الشراء جزء السبب، كما ذكره في «الذخيرة»، و «المغني» (١١).


(١) في (ع): «المشتري».
(٢) في (ع): «معرضًا».
(٣) ساقطة من: (ع).
(٤) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٤٨.
(٥) ينظر: البناية: ١١/ ٢٩٦.
(٦) في (ع): «دار» بدون الواو.
(٧) في (ع): «لا أنه».
(٨) ينظر: البناية: ١١/ ٢٩٦، العناية: ٩/ ٣٧٩.
(٩) في (ع): «تبطل».
(١٠) في (ع): «لوجوب».
(١١) ينظر: المبسوط: ٤/ ١٠٥، البناية: ١١/ ٢٩٦.