للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخلاف ما إذا أخبره المشتري حيث لا يشترط في المشتري أيضًا أحد شرطي الشهادة، يعني: أن المشتري إذا قال للشفيع: قد اشتريت، فلم يطلب الشفيع شفعته [بطلب شفعته] (١)، وإن لم يكن المشتري عدلاً؛ لأن المشتري خصم في هذا، والعدالة في الخصوم/ ليست بشرط. كذا في «الإيضاح» (٢).

والثاني: طلب التقرير والإشهاد، وهذا الطلب إنما يصح عند حضرة واحد من الثلاثة؛ إما المشتري، وإما البائع، وإما الدار، ومدة هذا الطلب مقدرة بالتمكن من الإشهاد عند حصره أحد هؤلاء الثلاثة حتى لو تمكن ولم يطلب بطلت شفعته.

قال شيخ الإسلام في «شرحه» (٣): «إن الشفيع إنما يحتاج إلى طلب المواثبة، ثم إلى طلب الإشهاد بعده إذا لم يمكنه الإشهاد عند طلب المواثبة بأن سمع الشرى حال غيبته عن المشتري والبائع والدار.

أما إذا سمع الشرى عند حضرة أحد هؤلاء فطلب (٤) طلب المواثبة، وأشهد على ذلك فذلك يكفيه، ويقوم ذلك مقام طلبين.

فإن قصد الأبعد من هذه الأشياء الثلاثة، وترك الأقرب، فإن كانوا جملة في مصر واحد فالقياس أن يبطل شفعته.

وفي الاستحسان: لا يبطل لأن نواحي المصر جعلت كناحية واحدة حكمًا، ولو كانوا في مكان واحد حقيقة، وطلب [عند] (٥) أحدهم، وترك الطلب عند الآخرين، أليس أنه يصح طلبه؟ كذا هاهنا.

أما لو كان الشفيع بحضرة أحد هؤلاء الثلاثة والآخران في مصرٍ آخر، أو في رستاق هذا المصر الذي الشفيع فيه؛ فقصد الأبعد وترك الطلب عند من هو بحضرته بطلت شفعته قياسًا واستحسانًا؛ لأن مصرًا آخر أو رستاق (٦) هذا المصر مع هذا المصر لم يجعل كمكان واحد، فإذا ترك الطلب عند الأقرب فقد ترك الطلب مع الإمكان، فيبطل بنهض منه؛ أي: يقوم ويشهد على البائع إن كان المبيع في يده، وأما إذا لم يكن المبيع في يده- ذكر أبو الحسن القُدوري والناطفي (٧): أنه لا يصح الطلب عنده (٨).


(١) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(٢) ينظر: البناية: ١١/ ٣٠٥، العناية: ٩/ ٣٨٤.
(٣) شيخ الإسلام السرخسي، وشرحه (المبسوط).
(٤) في (ع): «وطلب».
(٥) ساقطة من: (ع).
(٦) الرستاق: بالضم، كورة كثيرة القرى. ينظر: تاج العروس: ٤/ ٤٢١.
(٧) هو أحمد بن محمد بن عمر، أبو العباس الناطفي، أحد الفقهاء الكبار، له: كتاب «الأجناس»، و «الفروق»، و «الواقعات»، توفي بالري سنة ٤٤٦ هـ. ينظر: تاج التراجم: ص ١٠٢، الجواهر المضية: ١/ ١١٣.
(٨) ينظر: البناية: ١١/ ٣٠٥، ٣٠٦.