للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يمنع الشفيع في تلك المسألة عن استحقاق الشفعة مجرد بقاء حق البائع في الاسترداد، بل كان هو مع لزوم تقرير الفساد، وأما هاهنا فلا يلزم تقرير الفساد على ما ذكرنا، أن (١) المشتري متمكن من فسخ شراه بسبب الفساد، فيستحق الشفعة لذلك.

ثم إن سلم البائع، أي: الدار المبيعة بالبيع الفاسد إلى المشتري قبل الحكم بالشفعة له، أي: للبائع بطلت شفعته، أي: شفعة البائع؛ لأنه لم يبق له ملك فيما يشفع به بخلاف ما إذا سلم بعده، أي: بعد حكم الحاكم بالشفعة للبائع حيث لا تبطل شفعته.

وكذلك إذا أخذه بالشفعة بالتراضي، ثم سلم الدار إلى المشتري.

وإن استردها البائع من المشتري قبل الحكم بالشفعة له، أي: للمشتري بطلت، أي: بطلت الشفعة للمشتري؛ لأنه زال جواره قبل أن يأخذها بالشفعة وقيام السبب للشفيع إلى وقت الأخذ بالشفعة شرط للقضاء له بالأخذ.

ثم اعلم أن هاهنا كما لا تثبت الشفعة للمشتري فكذلك لا تثبت للبائع الذي استرد الدار التي يشفع بها أيضًا، أما لا تثبت للمشتري؛ فلما ذكرنا أنه انقطع ملكه عن التي يشفع بها قبل أن يأخذ بها الشفعة، وبقاء ملكه إلى وقت الأخذ شرط، وأما في حق البائع فإنه لم يكن جارًا حين بيعت هذه الدار، فكان البائع والمشتري هاهنا بمنزلة ما لو باع الشفيع داره التي يطلب بها الشفعة قبل أن يخاصم بالشفعة، فإنه لا يستحق البيعة بالشفعة؛ لأنه أزال جواره قبل أن يأخذ بالشفعة ولا للمشتري منه؛ لأن جواره صارت بعد بيع تلك الدار. كذا في «المبسوط» (٢).

(وإن استردها بعد الحكم بقيت الثانية على ملكه)، أي: وإن استرد البائع الدار المشتراة بشرى فاسد بعد حكم الحاكم بالشفعة للمشتري بسبب [تلك] (٣) الدار المشتراة بالشرى الفاسد بقيت الدار المأخوذة بالشفعة على ملك المشتري، وإن لم تبق المشتراة على ملك المشتري.

(ولا فرق في هذا)، أي: في أنه لا شفعة عند قضاء القاضي بالرد.

ومراده: أي: ومراد القدوري في قوله: (وإذا اشترى دارًا فسلم الشفيع الشفعة، ثم ردها المشتري بقيت بقضاء قاض)؛ لأن قبله فسخ من الأصل، وإن كان بغير قضاء (٤).

ألا ترى أن الراد (٥) / ينفرد به من غير أن يحتاج إلى رضا صاحبه، أو قضاء القاضي.

بخلاف الإقالة (٦)، لا يتم بأخذها، فكانت بيعًا جديدًا في حق الثالث.


(١) في (ع): «فإن».
(٢) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٤٨.
(٣) ساقطة من: (ع).
(٤) ينظر: الهداية: ٤/ ٣٧.
(٥) في (ع): «الرد».
(٦) الإقالة: رفع عقد البيع وإزالته. ينظر: التعريفات الفقهية: ص ٣٢.