للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونوع/ يمنع وجوبه، وقد اختلف المشايخ فيه؛ بعضهم قالوا على قول أبي يوسف: لا يكره، وعلى قول محمد [رحمه الله] (١): يُكره (٢). وهذا القائل قاس فصل الشفعة على فصل الزكاة.

ومنهم من قال: والشفعة (٣) لا يكره الحيلة لمنع وجوبها بلا خلاف.

وإنما الخلاف في فصل الزكاة، ثم بعض الحيل يرجع إلى منع وجوب الشفعة، وبعضها يرجع إلى تعليل الرغبة في الشفعة، أما التي يرجع (٤) إلى منع وجوب الشفعة أن يهب البائع بيتًا معلومًا من الدار بطريقه، أو أو بموضع آخر معلومًا من الدار بطريقه، فيجوز الهبة؛ لأن ما وهب مقدر معنى، والطريق وإن كان مشاعًا إلا أنه لا يحتمل القسمة، وهبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة جائزة فيصير شريكًا في الطريق، ثم يبيع بقية الدار منه بثمن الكل، فيصير أولى من الجار، إلا أن هذه الحيلة تصلح لدفع الجار، ولا تصلح لدفع الشريك في الدار.

ومن الحيلة أيضًا: أن يستأجر صاحب الدار من المشتري ثوبًا ليلبسه يومًا إلى الليل بجزء من مائة جزء من داره التي يريد بيعها، ثم يصير حتى يمضي اليوم، أو يشترط التعجيل حتى يملك ذلك الجزء للحال، ثم يبيع الباقي منه فلا يكون للجار الشفعة لا في الجزء والأول (٥)؛ لأنه ملك بعقد (٦) [انعقاد] (٧) الإجارة، ولا في الجزء والثاني (٨)؛ لأن المشتري شريك في الدار وقت البيع من الشريك (٩) مقدم على الجار.

ومنها: أن يبيعها بشرط أن يضمن الشفيع الدرك، أو يضمن الثمن للبائع فإذا ضمن بطلت شفعته.

وكذلك أن يبيعها بشرط الخيار للشفيع ثلاثة أيام فلا شفعة له قبل إسقاط الخيار، [وإذا أسقط الخيار] (١٠) بطلت شفعته.

وهذه الوجوه تعم الجار والشريك، وأما التي يرجع إلى تقليل الرغبة فهي مثل ما ذكرنا من بيع عشر الدار من المشتري بتسعة أعشار الثمن.

ومنها: أن يبيع البناء من الدار من المشتري بتعلقه (١١) بثمن قليل، ويبيع الساحة بثمن كثير فلا يجب للشفيع الشفعة في البناء؛ لأنه نقلي (١٢)، ولا يرغب في الساحة لكثرة الثمن. كذا في «الذخيرة» (١٣).


(١) زيادة من: (ع).
(٢) ينظر: العناية: ٩/ ٤٢٢، البناية: ١١/ ٣٨٦.
(٣) في (ع): «في الشفعة».
(٤) في (ع): «يرجع».
(٥) في (ع): «الخبر الأول».
(٦) في (ع): «بعد».
(٧) زيادة من: (ع).
(٨) في (ع): «الثاني» بدون الواو.
(٩) في (ع): «والشريك»، وهو الصواب؛ لظاهر المعنى.
(١٠) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(١١) في (ع): «لتعلقه».
(١٢) لعلها في (ع): «ثقيل».
(١٣) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٣١٩.