للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر في «الذخيرة» (١): وإن أراد (٢) [صاحب] (٣) الأرض والمزارع أن يطيب لهما الزرع عندهما في موضع فسدت المزارعة عندهما [أو عند] (٤) أبي حنيفة في موضع صحت المزارعة عندهما، فالوجه في ذلك ما حكي عن الشيخ الإمام إسماعيل الزاهدي (٥) أنه قال: يميز النصيبان نصيب رب الأرض ونصيب المزارع، ويقول رب الأرض للمزارع: وجب لي عليك أجر مثل الأرض أو نقصانها، ووجب لك عليَّ أجر مثل عملك [ .... ] (٦)، وقدر بذلك (٧) فهل صالحتني على هذه الحنطة، وعلى ما وجب لك عليَّ [بما وجب لي عليك، فيقول المزارع: صالحت. ويقول لرب الأرض: قد وجب لي عليك أجر مثل عملي وبذري، ووجب لك عليَّ أجر مثل الأرض أو نقصانها، فهل صالحتني عما وجب لك عليَّ على] (٨) ما (٩) وجب لي عليك، وعلى هذه الحنطة فيقول رب الأرض: صالحت. وإذا تراضيا على ذلك جاز (١٠)، وتطيب لكل واحد منهما ما أصابه للعمل؛ [لأن الحق بينهما لا يعدوهما، فإذا تراضيا على ذلك فقد زال الموجب للحنث؛ لأنه لا أثر هناك للعمل] (١١)؛ لأنه تخلل فعل واعمل (١٢) مختار، وهو أكل الحيوان فيضاف إليه، وإذا كان مضافًا إليه لا يضاف إلى غيره، وهو العامل فلم تتحقق الشركة.

ولأنه استئجار، والدليل على أنه استئجار هو أنه لا يصح بدون ذكر المدة، وذلك من خصائص الإجارات، فكان هذا استئجارًا [ببعض ما يخرج منه، فيكون في معنى قفيز الطحان] (١٣)، ونهى النبي -عليه السلام- عن قفيز الطحان (١٤)، وهو أن يستأجر رجلاً ليطحن له كراء من حنطة بقفيز من دقيقها.

ولأن الأجر مجهول أي: على تقدير وجود الخارج، فإنه لا يعلم نصيبه الثلث أو الربع يبلغ مقدار عشرة أقفزة أو أقل منه أو أكثر، أو معدوم، أي: على تقدير أن لا يخرج من الأرض شيء، أو أصابته آفة، أو أن ذلك الأجر لا يثبت في الذمة فيكون معدومًا حقيقة بخلاف ما إذا استأجر شيئًا، وليس في ملكه شيء من الأجر حيث يصح الاستئجار لوجود الأجر في الذمة.


(١) ينظر: الفتاوى الهندية: ٥/ ٢٣٩.
(٢) في (ع): «أرادت».
(٣) ساقطة من: (ع).
(٤) في (ع): «وعند».
(٥) في (ع): «الزاهد».
(٦) كلمة غير واضحة في (أ) و (ع).
(٧) في (ع): «بذلك».
(٨) ساقطة من: (ع).
(٩) في (ع): «مما».
(١٠) في (ع): «جازت».
(١١) ساقطة من: (ع).
(١٢) في (ع): «فاعل».
(١٣) ساقطة من: (ع).
(١٤) أخرجه الدارقطني في سننه: ٣/ ٤٦٨، كتاب البيوع، رقم الحديث: ٢٩٨٥. وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: ٥/ ٥٥٤، كتاب جماع أبواب الخراج بالضمان والرد بالعيوب وغير ذلك، باب النهي عن عسب الفحل، رقم الحديث: ١٠٨٥٤، وقال الألباني: صحيح. ينظر: إرواء الغليل: ٥/ ٢٩٥.