للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان بإثبات الأكثر لأحدهما، فهو على وجهين أيضًا.

أحدهما: أن تكون الأرض لواحد، والباقي للآخر، وهو الوجه الثاني.

والثاني: أن يكون العمل لأحدهما والباقي للآخر، وهو الوجه الثالث. فهذه كلها جائزة إلا الواحد، وهو الوجه الرابع، وهذا الانحصار على رواية «مختصر القدوري» (١)، وأما الانحصار العقلي بالنسبة إلى هذه الأشياء المذكورة- أعني: الأرض والبذر والبقر والعمل من غير تصور الاشتراك بينهما في الواحد، فسبعة أوجه أربعة بطريق الانفراد لأحدهما، والباقي للآخر، وهو أن يقول: الأرض لأحدهما والباقي للآخر، [والبذر لأحدهما والباقي للآخر، والعمل لأحدهما والباقي للآخر، والبقر لأحدهما والباقي للآخر] (٢)، وحكم هذه الأربعة مذكورة في الكتاب، إلا حكم البقر لأحدهما والباقي للآخر، كحكم أن يكون البذر لأحدهما والباقي للآخر، وهو الفساد، وثلاثة بطريق الاختلاط، وهي أن يقول: الأرض والبذر لأحدهما، والعمل والبقر للآخر، والبذر والعمل لأحدهما والأرض والبقر للآخر، والأرض والعمل لأحدهما والبذر والبقر للآخر، فحكم هذه الثلاثة مذكور في الكتاب أيضًا، وهو الفساد في [الثاني و] (٣) الثالث، والجواز في الأولين.

وأما إذا كان الاشتراك بينهما في الواحد منهما بأن كانت الأرض مشتركة فيما بينهما.

وكذلك في غيرهما، فوجوهها كثيرة.

ثم اعلم أن هذه المسائل في الجواز والفساد مبنية على أصل، وهو أن المزارعة تنعقد إجارة، وتتم شركة، وإنما تنعقد إجارة على منفعة الأرض، وعلى (٤) منفعة العامل، ولا يجوز على منفعة غيرهما من منفعة البقر والبذر؛ لأن الشرع لم يرد به فأخذنا فيه بالقياس؛ لأن الاستئجار (٥) ببعض الخارج لا يجوز قياسًا.

وأما في استئجار الأرض، أو استئجار العامل فقد ورد الشرع به، فيقول به، أما الأولى فهو أن استئجار الأرض للزراعة ببعض ما يخرج منها جائز؛ لأثر عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- (٦)، ولتعامل الناس، فإن الناس تعاملوا اشتراط البذر على المزارع، ومتى كان البذر على المزارع [صار المزارع] (٧) مستأجرًا للأرض ببعض الخارج.


(١) ينظر: تبيين الحقائق: ٥/ ٢٨٠.
(٢) ساقطة من: (ع).
(٣) زيادة من: (ع).
(٤) في (ع): «او على».
(٥) في (ع): «الاستحسان».
(٦) يشير إلى قول ابن عمر: ما كنا نرى بالمزارعة بأسًا، حتى سمعت رافع بن خديج يقول: إن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عنها، فذكرته لطاوس، فقال: قال لي ابن عباس: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم ينه عنها، ولكن قال: «لأن يمنح أحدكم أرضه خير من أن يأخذ عليها خراجًا معلومًا». أخرجه أبو داود في سننه: ١/ ٣٧٩، كتاب البيوع، باب في المزارعة، برقم: ٣٣٨٩، وأبو عوانة في مسنده: ٣/ ٣٢٦، برقم: ٥١٧٣، قال الألباني: صحيح. ينظر: صحيح وضعيف سنن أبي داود: ٧/ ٣٨٩.
(٧) ساقطة من: (ع).