للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَأَقُوْلُ وَبِاللهِ التَّوْفِيْقُ: أَنَّ سَبَبَ وُجُوْبِ الْأُضْحِيَّةِ الْوَقْتُ، وَهُوَ أَيَّامُ النَّحْرِ، وَالْغِنَى شَرْطُ الْوُجُوْبِ (١).

وِإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِنِسْبَتِهِ الْحُكْمَ إِلَيْهِ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ، إِذْ الْأَصْلُ فِيْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ أَنْ يَكُوْنَ حَادِثًا بِهِ سَبَبًا، وَكَذَا إِذَا لَازَمَهُ فَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِهِ (٢) [كَمَا] (٣) عُرِفَ، ثُمَّ هَاهُنَا تَكَرُّرُ وُجُوْبِ الْأُضْحِيَّةِ بِتَكَرُّرِ الْوَقْتِ [ظَاهِرٌ، كَذَلِكَ] (٤) الْإِضَافَةُ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: يَوْمَ الْأَضْحْى، كَمَا يُقَالُ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْعِيْدِ، وإن كان الأصل هو إضافة الحكم إلى سببه كما في صلاة الظّهر، ولكن قد يضاف السّبب إلى حكمه كما في يوم الجمعة، ومثل هذه الإضافة لم يوجد في حق المال فلا يكون {المال} (٥) سببها، ألا ترى أنّه لا يقال أضحية المال ولا مال الأضحيّة (٦).

والدّليل على هذا أيضاً ما ذكره الإمام المحقق شمس الأئمة السرخسي/ (٧) في تعليل وجوب الأضحيّة: هذه قربة يضاف إليها وقتها، فتكون واجبة فيه كالجمعة، وبيان الوصف أنه يقال: يوم الأضحى (٨).


(١) يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ٦٣)، العناية شرح الهداية (٩/ ٥٠٥)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٣)، تكملة فتح القدير (٩/ ٥٠٦).
(٢) السَّبَبَ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِنِسْبَتِهِ الْحُكْمَ إِلَيْهِ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ، إِذْ الْأَصْلُ فِيْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ أَنْ يَكُوْنَ حَادِثًا بِهِ سَبَبًا، وَكَذَا إِذَا لَازَمَهُ فَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِهِ: قاعدتان في مَعْرِفَة سبب الحُكْم، الأُوْلى: يُعْرَفُ السَّبَبُ بِنِسْبَةِ الْحُكْمِ إِلَيْهِ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ، والثانية: يُعْرَفُ السَّبَبُ بِمُلَازَمَتِهِ لِلْحُكْمِ وَتَكَرُّرِهِ بِتَكَرُّرِه. يُنْظَر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (٢/ ٣٤٣).
(٣) في (ب): (لِما (.
(٤) في (أ): (ظاهره كذلك).
(٥) سقطت من (أ).
(٦) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (٩/ ٥٠٥)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٣)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٣١٢).
(٧) شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: هو أبو بكر، مُحَمَّد بن أحمد بن أبي سهل، السَّرَخْسِي، من أهل سَرَخْس بلدة في خراسان، ويلقب بشمس الأئمة، كان إمامًا في فقه الحنفية، وعلاَّمة حجة متكلمًا ناظرًا أصوليًّا مجتهدًا في المسائل، أخذ عن الحلواني وغيره، توفي سنة ٤٨٣ هـ، من تصانيفه: (الْمَبْسُوط) في شرح كتب ظاهر الرواية في الفقه، و (الأصول) في أصول الفقه. يُنْظَر: الفَوَائِد البهية في تراجم الحنفية لعبدالحي اللكنوي (ص ١٥٨)، الجواهر المضية (٢/ ٢٨)، الأَعْلَام للزركلي (٦/ ٢٠٨).
(٨) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٢/ ٩)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٣).