للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما المكروه على قول هذا القائل ما يكون على سبيل اللّهو (١)، واستدل هذا القائل بحديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ فإنه كان من زهّاد الصّحابة؛ [ثم] (٢) كان يتغنّى في مرضه وكان لا يفعل ذلك تلهيًا [ولكن] (٣) يدفع الوسواس عن نفسه (٤) (٥).

وذكر شيخ الإسلام/ (٦) أن جميع ذلك مكروه عند علمائنا (٧)، ويحتج بقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} (٨) الآية؛ جاء في التفسير أنّ المراد به الغناء (٩) (١٠).


(١) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٧٦)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ١٤)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (٢/ ٣٨٠).
(٢) في (ب): (و).
(٣) في (ب): (بل كان).
(٤) الذي وردت به الآثار أنَّ الذي كان يتغنَّى هو البراء بن مالك -رضي الله عنه- أخو أنس بن مالك -رضي الله عنه-، فقد أخرج الحاكم في الْمُستدرك على الصحيحين (٣/ ٣٣٠) باب (ذِكْرُ البراءِ بنِ مالكٍ الأنصاريّ أَخِ أنَسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنهم) برقم (٥٢٧٢)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يَحْيَى الْمُقْرِئُ، بِبَغْدَادَ، ثَنَا أَبُو قِلَابَةَ، ثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَخِيهِ الْبَرَاءِ وَهُوَ مُسْتَلْقٍ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى يَتَغَنَّى فَنَهَاهُ، فَقَالَ: أَتَرْهَبُ أَنْ أَمُوتَ عَلَى فِرَاشِي، وَقَدْ تَفَرَّدْتَ بِقَتْلِ مِائَةٍ مِنَ الْكُفَّارِ سِوَى مَنْ شَرِكَنِي فِيهِ النَّاسُ؟».
- قال الحاكِم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخَرِّجَاهُ، ووافقه الذهبي. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (٣/ ٣٣٠).
- قال الشيخ مقبل الوادعي/ تعالى: أبو قلابة، عبدالملك بن محمد الرقاشي، ليس من رجالهما، ثم هو ضعيف. ينْظَر: المستدرك على الصحيحين بتحقيق الشيخ مقبل الوادعي (٣/ ٣٥٧).
(٥) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٧٦، ١٣/ ١٥٧)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٨٨).
(٦) شَيْخُ الإِسْلَامِ: الْمُراد بِهِ هُنا على ماذكر صاحب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (١٣/ ١٥٧): هو شيخ الإسلام خواهر زاده.
(٧) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٧٦، ١٣/ ١٥٧)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ١٤)، حاشية الشرنبلالي على درر الحكام شرح غرر الأحكام (٢/ ٣٨٠).
(٨) سورة لقمان الآية (٦).
(٩) قال ابن كثيرٍ في كتابه "تفسير القرآن العظيم": (قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَسْأَلُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الْغِنَاءُ، وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إلا هو، يرددها ثلاث مرات.
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا حُمَيْد الْخَرَّاطُ، عَنْ عَمَّارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} قَالَ: الْغِنَاءُ.
- وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ، وعِكْرِمة، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، وَمُجَاهِدٌ، وَمَكْحُولٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ بَذيمة.
- وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أُنْزِلَتْ هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْم?} فِي الْغِنَاءِ وَالْمَزَامِيرِ). يُنْظَر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (١/ ٣٣٠ - ٣٣١)، جامع البيان في تأويل القرآن للطبري (٢٠/ ١٢٧).
(١٠) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٧٦)، البناية شرح الهداي (١٢/ ٨٨)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٣٤٨ - ٣٤٩).