للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: (والشّافعي/) (١) بالعطف على أبي عصمة في إثبات أن السُّرَّةَ عورة عندهما كأنه وقع سهوًا؛ لوجهين:

أحدهما: ما ذكرنا من تعليل أبي عصمة في إثبات أنّ السُّرَّة عورة بقوله: أنَّهُ أَحَدَ حَدَّيْ العورة فيكون عورة كالرُّكْبَة، هذا التّعليل إنّما يستقيم لمن يقول بأن الرُّكْبَة عورةٌ، والشّافعي/ لا يقول بِكَوْنِ الركبة من العورة (٢).

والثّاني: أنّ الشّافعي/ علَّلَ في إثبات أن الركبة ليست بعورة بقوله: أنها حدّ للعورة فلا تكون من العورة {كالسُّرَّة} (٣)؛ لأن الحد لا يدخل في المحدود، وهذا تنصيص منه على أنّ السُّرَّة ليست بعورة، وهذان التّعليلان في "المبسوط" (٤)، ولكن في "الأسرار" (٥) نوع إشارة إلى أنّ الشّافعي/ جعل السُّرَّة من العورة ولم يجعل الرُّكْبَة من العورة (٦).

(لأنّه لا معتبر بها) (٧) أي: لأن الشّأن هو أنّه لا معتبر بالعادة والتعامل فيما ورد فيه (النصّ بخلافه) (٨)، وإنّما يعتبر التّعامل فيما لا نصّ فيه (٩).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٨٩).
(٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٤٧)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٢٨)، البناية شرح الهداية (١٢/ ١٤١).
(٣) سقطت من (ب).
(٤) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٤٧)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٢٨).
(٥) الأسرار: كتابٌ لأبي زيد، عبدالله بن عمر بن عيسى، الدَّبُوسي الحنفي، ينسب إلى دبوسيَّة، وهي قرية بين بخارى وسمرقند، كان من أكابر فقهاء الحنفية، ويُضرَب به المثل في النَّظر واستخراج الحجج، برعَ في علم أصول الفقه، تُوُفِّيَ سنة ٤٣٠ هـ، له عِدّة مؤلفات منها هذا الْكِتَاب الْأَسْرَارِ وهو كبير جداً، مخطوط في شستربتي بآيرلندا برقم (٥١٥٠)، حُقِّقَ منه وطُبِع كتاب المناسك في مصر، وهناك مجموعة رسائل علمية لتحقيقه في الجامعة الإسلامية في المملكة العربية السعودية ولكنها لم تُطبَع. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (١/ ٨١)، الأعلام للزركلي (٤/ ١٠٩).
(٦) الصحيح من مذهب الشافعي كما ذكرنا سابقًا: أن العورة مابين السُّرَّة والرُّكْبَة وهما ليستا داخلتين في العورة، وما سِوَى ذلك فهو وجهٌ ضعيف. يُنْظَر: الحاوي الكبير للماوردي (٢/ ١٧٢)، المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي (١/ ١٢٤).
(٧) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٨٩).
(٨) يُنْظَر: المرجع السابق (٤/ ١٤٨٩).
(٩) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٤٦)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (١/ ٩٥)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٢٨).