للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا ما ينقلون من تقبيل الأرض بين العلماء حرام لا إشكال فيه والفاعل والراضي به آثم؛ لأنه يشبه عبادة الوثن، وذَكَر الصّدر الشهيد أنّه لا يكفر بهذا السجود لو سجد؛ لأنّه يريد به التحيَّة دون العبادة (١) (٢).

وذكر شمس الأئمة السّرخسي في باب (ما يخطر على بال الْمُكْرَه غير ما أُكْرِهَ عليه) مسألةً، وقال: المسألة تدلّ على أنّ السجود لغير الله تعالى على وجه التعظيم كفر (٣).

وذكر الفقيه أبو الليث/ أن [القُبْلَةَ] (٤) على خمسة أوجه؛ قُبْلة الرّحمة كقُبْلة الوالد [ولده] (٥)، وقبَّل النبي -عليه السلام- الحسن بن علي -رضي الله عنهما- (٦)، وقُبْلة التَّحِيَّة كقُبْلة المؤمنين يقبِّل بعضهم بعضاً، وقُبْلة الشَّفَقَة كقُبْلة الولد والدته، وقُبْلة المودَّة كقُبْلة الرجل أخاه أو أخته على الجبهة، وقُبْلة الشَّهوة كقُبْلة الرَّجُل للزوجة والأَمَة، وزاد بعضهم قُبْلة الديانة وهي قُبْلة الحجر الأسود (٧).


(١) قال محمد بن مفلح الحنبلي/: (وأما السجود إكرامًا وإعظامًا فلا يجوز كما دلت عليه الأخبار المشهورة، وأما تقبيل الأرض فقال صاحب النظم: يكره كراهة شديدة؛ لأنه يشبه السجود لكنه ليس بسجود؛ لأن السجود الشرعي وضع الجبهة بالأرض على طهارة لله تعالى وحده إلى جهة مخصوصة، وهذا إنما يصيب الأرض منه فمه وذلك لا يجزئ في السجود … انتهى كلامه، وهذا لا يفعل غالبًا إلا للدنيا، وقد ذكر صاحب النظم أنه يكره الانحناء مسلما وذكر أبو بكر بن الأنباري الحنبلي: المشهور في قوله تعالى: {وَخَرُّواْ لَهُ? سُجَّدا} أنهم سجدوا ليوسف إكرامًا وتحيَّةً، وأنه كان يحيي بعضهم بعضًا بذلك وبالانحناء، فحَظَرَهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. يُنْظَر: الآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح (٢/ ٢٦٠ - ٢٦١).
(٢) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٢٥)، منحة السلوك شرح تحفة الملوك (ص ٤١٥)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٨/ ٢٢٦).
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٣٠)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٢٥)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٣٨٣).
(٤) في (ب): (التقبيل).
(٥) في (ب): (لولده).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه (٨/ ٧) كتاب (الأدب) باب (رحمة الولد وتقبيله ومعانقته) برقم (٥٩٩٧) بِسَنَدِه: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ: «مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ».
- وأخرجه مسلم (٤/ ١٨٠٨) برقم (٢٣١٨).
(٧) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٢٥)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (٢/ ٢٨٦)، البناية شرح الهداية (١٢/ ١٩٥ - ١٩٦).