للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَأَوَّلُ وَقْتِ العَصْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (١) حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيءٍ مِثْلَيْهِ، وَعِنْدَهمَا حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، سِوَى فَيْءِ الزَوَالِ) (٢).

فَإِنَّ قُلْتَ: قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَآخِرُ وَقْتِهَا) أَيْ؛ وَقْتِ الظُّهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، كَانَ وَقْتُ الظُّهْرِ بَاقِيًا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ آخِرَ الشَّيْءِ مِنْ أَجْزاءِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، كَمَا فِي المَنْظُومَةِ (٣):

وَالخَتْمُ (٤) عَصْرَ آخِرِ التّشْرِيقِ (٥)

وَاليَوْم الَّذِي يَخْتِمَانِ التّكْبِيرَ فِي عَصْرِهِ مِنْ أَيّامِ التّشْرِيقِ، وَكَذَلِكَ (٦) فِي قَوْلهِمَا، وَقَالَا: إِذَا صَارَ الظّلُّ مِثْلَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الظُّهْرِ بَاقِيًا عِنْدَهُمَا عِنْدَ صَيْرُورَةِ ظِلِّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلِهِ، وَرِوَايَةُ المَنْظُومَةِ تَقْتَضِي أَلَّا يَبْقَى وَقْتُ الظُّهْرِ عَلَى القَوْلَينِ/ عَلَى هَذَينِ التَّقْدِيرَينِ، وَهِيَ قَولُهُ (٧):

(وَالعَصْرُ حِينَ المَرْءُ يَلْقَى ظِلَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَيْهِ وَقَالَا: مِثْلَهُ) (٨).

فَمَا التّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا؟

قُلْتُ: مَعْنَى قَوْلِهِ -رحمه الله-: (وَآخِرُ وَقْتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ) أَيْ؛ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ (٩) الَّذِي يَتَحَقّقُ عِنْدَهُ؛ خُرُوجُ وَقْتِ الظُّهْرِ.


(١) ينظر: "مختصر القُدُوري" (ص: ٢٣).
(٢) ينظر: "فوائد القُدُوري" (ص: ١٦)، و" الجوهرة النَّيرة شرح مختصر القدوري للزبيدي " (١/ ٤١)، و"البحر الرائق لإبن نجيم المصري، ومعه تكملته للقادري" (١/ ٢٥٨)، و" حاشية الطحاوي عَلَى مراقي الفلاح " (١/ ١٧٦).
(٣) هي المنظومة في الخلافيات للإمام نجم الدين أبي حفص عمر بن محمد النسفي المتوفى سنة ٥٣٧ هـ، حققه حسن أوزار ونشرته مؤسسة الريان الطبعة الأولى عام ١٤٣١ هـ ويقع في مجلد واحد.
(٤) أي لختم التكبير.
(٥) قال في المنظومة:
(وَالخَتْمُ عَصْرَ آخِرِ التّشْرِيقِ *** عِندهما بالجهرِ والتحقيقِ) انظر: المنظومة في الخلافيات؛ للنسفي (١/ ٥١).
(٦) فِي (ب): (فكَذَلِكَ).
(٧) أَيْ: النسفِي فِي المنظومة.
(٨) ينظر: " الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٢١٩)، " البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ١٦).
(٩) فِي الحاشية قَالَ: [والظاهر أن قوله آخر وَقْت الظُّهْرِ أ. هـ: خبر عَنْ قوله (معنى قوله) فلا معنى إذن لإدخال حرف التفسير فِي الخبر].