للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والحاجة إلى الحريم فيه فوقها إليه في النّهر) (١) أي: الحاجة إلى الحريم في البئر [يتناول] (٢) القليب أو الجب فوق الحاجة إلى الحريم في حق [النهر] (٣)؛ لأنّ الحاجة إلى الحريم في البئر متحقّقة في الحال [وهنا] (٤) الحاجة موهومة باعتبار الكَرْيِ وقد يحتاج إلى ذلك وقد لا يحتاج، ثم هناك الانتفاع لا يتأتي بدون الحريم وهنا يتأتي؛ إلا أنّه يلحقه في ذلك بعض الحرج [في] (٥) نقل الطين والمشي في وسط النّهر؛ فإذا لم يكن هذا في معنى المنصوص يؤخذ فيه بأصل القياس (٦).

ألا ترى أن من بنى قصراً بمفازة (٧) لا [يستحق] (٨) بذلك حريمًا وإن كان يحتاج إلى ذلك لإلقاء الكناسة (٩) فيه؛ وهذا لأنّ استحقاق الحريم لا يكون بدون التّقدير فيه، ونصب المقادير بالرأي لا يكون، كذا في "المبسوط" (١٠).

(ووجه [البناء) (١١) يعني] (١٢) لَمَّا ثبت من أصلهما أنّ صاحب النّهر الذي جعل نهره في أرض موات استحق حريم البئر عندهما كان الظّاهر شاهدًا له عند المنازعة وهو معنى قوله: (أن باستحقاق الحريم تثبت اليد عليه) (١٣) أي: بسبب استحقاق الحريم باتخاذ النهر يثبت اليد على الحريم عندهما كما ثبت يده على النّهر بالحفر، فعند المنازعة القول قول صاحب اليد عندهما ولما كان لا يستحق بالنّهر حريمًا عند أبي حنيفة/ كان الظّاهر شاهداً لصاحب الأرض؛ وهذا معنى قوله: (وبعدم استحقاقه) (١٤) أي: بعدم استحقاق صاحب النهر الحريم (تنعدم) (١٥) يد صاحب النّهر على الحريم (والظّاهر يشهد لصاحب الأرض) (١٦)؛ وذلك لأن أرضه في يده وملكه بلا منازعة أحد، والحريم من جنس الأرض صالح لما يصلح له الأرض وليس من جنس النهر ومن حيث الانتفاع، كما أنّ صاحب النهر يمسك الماء بالحريم في نهره فصاحب الأرض يدفع الماء بالحريم عن أرضه فقد استويا في استعمال الحريم، وترجَّح جانب [صاحب] (١٧) الأرض من الوجه الذي قررنا فكان الظّاهر شاهدًا له فله أن يغرس ما بدا له من الأشجار، ولكن ليس له أن يهدمه؛ لأنّ [لصاحب] (١٨) النّهر حقّ استمساك الماء في نهره به؛ فلا يكون له أن يبطل حقّه بهدمه، بمنزلة حائطٍ [لرجل] (١٩) ولآخر عليه جذع؛ لا يكون لصاحب الحائط أن يهدم الحائط وإن كان مملوكًا له لمراعاة حق صاحب الجذع؛ فكذلك ههنا، كذا في "المبسوط" (٢٠).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥١٨).
(٢) في (ب): (بتأويل).
(٣) في (أ): (البئر).
(٤) في (أ): (وهي).
(٥) في (أ): (وفي).
(٦) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٣/ ١٧٦)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٣٨)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٣٠٧).
(٧) مَفَازَة: مَصْدَرٌ مِيْمِيٌ مِنْ فَازَ، وَهِيَ صَحْرَاء، أَرْضٌ مُقْفِرَة، الْمَهْلَكَة، سُمِّيَتْ كَذَلِكَ تَفَاؤُلَاً بِالْفَوْزِ؛ أَي: الْنَّجَاةِ.
يُنْظَر: الزاهر في معاني كلمات الناس لأبي بكر الأنباري (١/ ٤٤٤)، معجم اللغة العربية المعاصرة (٣/ ١٧٥٢).
(٨) في (ب): (يتحقق).
(٩) الكُنَّاسَة: كَنَسَ الْبَيْتَ: كَسَحَهُ بِالْمِكْنَسَةِ؛ أَيْ: كَسَحَ الْقُمَامَةَ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ، وَالْكُنَّاسَةُ: مُلْقَاهَا؛ أَيْ: مُلْقَى الْقُمَامَة. يُنْظَر: العين للخليل بن أحمد (٥/ ٣١٢)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص ٤٤٨).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٣/ ١٧٦ - ١٧٧)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٣٨)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٣٠٧)
(١١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥١٨).
(١٢) في (أ): (الشافعي).
(١٣) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥١٨).
(١٤) يُنْظَر: المرجع السابق.
(١٥) يُنْظَر: المرجع الهداية شرح البداية (٤/ ١٥١٨).
(١٦) يُنْظَر: المرجع السابق.
(١٧) سقطت من (أ).
(١٨) في (ب): (صاحب).
(١٩) في (ب): (الرجل).
(٢٠) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٣/ ١٧٧)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٦/ ١٩١)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٣٨).