للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: جوابنا في ذلك قوله تعالى: {فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (١)، والإمساك عليه هو أن لا يأكل منه، كذا في "الكشاف" وغيره (٢)، وحين أكل منه فقد تبين أنّه أمسك على نفسه لا على صاحبه، وإليه أشار النبي -عليه السلام- في قوله لعديِّ بن حاتِم -رضي الله عنه-: «فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا تَأْكُلْ/ فَإِنّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ» (٣) (٤).

وأمّا القياس الذي ذكروه فلا يقبل بمقابلة النّص، على ما قيل: إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل (٥)، ذكر هذا المثل في "الكشاف"، [في] (٦) قوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَة مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ ٢٥} (٧) (٨).

وتأويل أبي ثعلبة الخُشَنِيِّ -رضي الله عنه-؛ إن صحّ: أنّه كان قبل نزول الآية ثم [انتسخ] (٩)، أو مراده إذا وَلَغَ في دم [الصيد] (١٠)، و [عندنا] (١١) ذلك القدر لا يحرم، كذا في"المبسوط" (١٢).


(١) سورة المائدة الآية (٤).
(٢) يُنْظَر: الكشَّاف للزمخشري (١/ ٦٠٧)، مدارك التنزيل للنسفي (١/ ٤٢٨).
(٣) سبق تخريجه في الصفحة السابقة.
(٤) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٢٢٣)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١١٩)، تكملة فتح القدير (١٠/ ١١٩).
(٥) إِذَا جَاءَ نَهْرُ اللهِ بَطَلَ نَهْرُ مَعْقِلٍ: هذا الْمَثَل ذكره الميداني في "مجمع الأمثال"، وقال الثعالبي في "ثمار القلوب": (من أَمْثَال الْعَامَّة والخاصة: إِذا جَاءَ نهر الله بَطل نهر معقل، وَإِذا جَاءَ نهر الله بَطل نهر عِيسَى، ونهر معقل بِالْبَصْرَةِ، ونهر عِيسَى بِبَغْدَاد، وَعَلَيْهِمَا أَكثر الضّيَاع الفاخرة والبساتين النزهة بِبَغْدَاد، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بنهر الله الْبَحْر والمطر والسيل فَإِنَّهَا تغلب سَائِر الْمِيَاه والأنهار وتطم عَلَيْهَا، وَلَا أعرف نَهراً مَخْصُوصًا بِهَذِهِ الْإِضَافَة سواهُمَا). يُنْظَر: مجمع الأمثال للميداني (١/ ٨٧)، ثمار القلوب للثعالبي (ص ٣١).
(٦) في (أ): (وفي).
(٧) سورة الروم الآية (٢٥).
(٨) يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٧٦).
(٩) في (ب): (انفسخ).
(١٠) في (أ): (القتيل).
(١١) في (ب): (عندهما).
(١٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٢٢٣).