كتاب النهاية في شرح الهداية - السغناقي

كتاب الرهن - [تفسير قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يغلق الرهن، لصاحبه غنمه وعليه غرمه» عند الشافعي] - ج: 23 - ص: 276

(«[وَعَلَيْهِ] (١) غُرْمُهُ») (٢)، أَيْ: هَلَاكُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ (٣).

وَقُلْنَا: الصَّاحِبُ يحْتَمِل الْمُرْتَهِنَ، كَمَا يُقَالُ لِلْمُضَارِبِ (٤): صَاحِبَ الْمَالِ، وَالْحَمْلُ [عَلَيْهِ] (٥) أَوْلَى؛ لِأَنَّ حَقِيْقَةَ [الصُّحْبَةِ] (٦) لَهُ، فَيَصِيْرُ كَأَنَّهُ قَالَ: لِلْمُرتَهِن غُنْمُهُ: أَيْ: الزَّوَائِدُ تَصِيْرُ رَهْنَاً عِنْدَهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ: أَيْ: هَلَاكُ الرَّهْنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، حَيْثُ يَسْقُطُ {بِهِ} (٧) دَيْنُهُ (٨).

وَلَئِنْ حُمِلَ الصَّاحِبُ عَلَى الرَّاهِنِ، فَالْمُرَادُ مِنْ الْغُرْمِ: نَفَقَةُ الرَّهْنِ حَالَ قِيَامِهِ، وَالْكَفَنُ حَالَ مَوْتِهِ (٩).

(قَالَ) (١٠)، أَيْ: قَالَ الشَّافِعِيُّ/ (١١)، (وَمَعْنَاهُ) (١٢)، أَيْ: وَمَعْنَى قَوْلُهُ -عليه السلام-: {«لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ»، أَيْ: (لَا يَصِيْرُ مَضْمُوْنًا بِالدَّيْنِ) (١٣)، وَالدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ كَذَا حَدِيْثٌ آخَرُ وَهُوَ قَوْلُهُ -عليه السلام-:} (١٤) «الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ الَّذِيْ رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» (١٥)، [فَكَانَ] (١٦) هَذَا تَفْسِيْرَاً لِذَلِكَ، أَيْ: مِنْ ضَمَانِ رَاهِنِهِ (١٧).

---

(١) في (أ): (عَلَيْه).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٥٦).
(٣) يُنْظَر: الأم للشافعي (٣/ ١٧٠)، الحاوي الكبير للماوردي (٦/ ٢٠٤)، المجموع شرح المهذب للنووي (١٣/ ٢٥٠).
(٤) الْمُضارِب: مِنْ الْمُضَارَبَةِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِاَنَّ الْمُضَارِبَ يَسِيرُ فِي الْأَرْضِ غَالِبًا طَلَبًا لِلرِّبْحِ، وَضَارَبَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ فِي مَالِهِ: تَجَرَ لَهُ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص ٣٠٥ - ٣٠٦)، طِلْبَة الطَّلَبة (ص ١٤٨).
(٥) في (ب): (عليهِن).
(٦) في (أ): (الصِّحَّة).
(٧) سقطت من (أ).
(٨) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٦٥)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٧١)، الكفاية شرح الهداية (٤/ ١١٥٧).
(٩) يُنْظَر: الحاوي الكبير للماوردي (٦/ ١٤)، المهذب للشيرازي (٢/ ١٠١)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (٦/ ٩١).
(١٠) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٥٦).
(١١) يُنْظَر: الأُمّ للشافعي (٣/ ١٧٠)، الحاوي الكبير للماوردي (٦/ ٢٥٤)، المهذَّب للشيرازي (٢/ ١٠٥).
(١٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٥٦).
(١٣) يُنْظَر: المرجع السابق.
(١٤) ما بين القوسين سقط من (ب).
(١٥) أخرجه الشافعي في "مُسْنَدِه" مُرْسَلاً (٣/ ٢١٤) كتاب (الرَّهْن والقِرَاض والحَجْر والتَّفْلِيس واللُّقَطَة) باب (غُنْم الرَّهْن وغُرْمه) برقم (١٤٧٧) قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ الرَّهْنَ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ»، قَالَ الشَّافِعِيُّ: غُنْمُهُ: زِيَادَتُهُ، وَغُرْمُهُ: هَلاكُهُ وَنَقْصُهُ.
- ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَهُ (٣/ ٢١٥) بِرَقْم (١٤٧٨): أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَ مَعْنَاهُ لا يُخَالِفُهُ.
- وأخرجه البيهقي في "الكُبْرى" مِنْ طريق الشافعي (٦/ ٦٥) برقم (١١٢١٠، ١١٢١١).
- وأخرج الدارقطنيُّ في "سُنَنِهِ" مُسْنَدَاً (٣/ ٤٣٩) كتاب (البيوع) برقم (٢٩٢٧) قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَرِمِيسِينِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِطَرَسُوسَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ الْأَصَمُّ، نا شَبَابَةُ، نا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ، وَالرَّهْنُ لِمَنْ رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ».
- وكذلك أخرجه الحاكم في "المستدرك" مُسْنَدَاً (٢/ ٥٩) كتاب (البيوع) برقم (٢٣١٨) قَالَ: أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ الْأَصَمُّ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ، الرَّهْنُ لِمَنْ رَهَنَهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ».
- وحكم عليه ابن الملقِّن في "تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج" بِأَنَّهُ: مُرْسلٌ صحيحٌ أو حَسَن. يُنْظَر: تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج لابن الملقِّن (٢/ ٢٥٦).
- قال الألباني: مُرْسَل. يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني (٥/ ٢٤٥).
(١٦) في (ب): (وكان).
(١٧) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٦٥)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٦٤)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٨٦).