للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِيْ "الْإِيْضَاحِ": وَرَهْنُ الْمُشَاعِ مِنْ الشَّرِيْكِ لَا يَجُوْزُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ [الشَّائِعَ] (١) لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِحُكْمِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ (٢).

وَلِأَنَّا إِذَا جَوَّزْنَا مِنْ الْمَالِكِ يُمْسِكُ (يَوْمًا بِحُكْمِ الْمُلْكِ وَيَوْمًا بِحُكْمِ الرَّهْنِ، فَيَصِيْرُ [كَأَنَّهُ] (٣) رَهَنَ يَوْمًا وَيَوْمَاً لَا) (٤) (٥).

(وَعَنْ أَبِيْ يُوْسُفَ/: أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ) (٦)، أَيْ: أَنَّ الشُّيُوْعَ الطَّارِئَ {لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ الرَّهْنِ، كَمَا} (٧) لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ الْهِبَةِ؛ (لِأَنَّ حُكْمَ الْبَقَاءِ أَسْهَلُ مِنْ حُكْمِ الْابْتِدَاءِ (٨) (٩) (١٠).

أَلَا تَرَى أَنَّ مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ لَا يَجُوْزُ أَنْ تَكُوْنَ مَحَلًّا لِلْنِّكَاحِ ابْتِدَاءً، وَيَبْقَى النِّكَاحُ فِيْ حَقِّهَا بِأَنْ وُطِئَتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ بِشُبْهَةٍ تَعْتَدُّ هِيَ لِذَلِكَ الْوْطْءِ، وَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ، وَكَالشُّيُوْعِ الطَّارِئِ فِيْ الْهِبَةِ، فَإِنَّهُ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْهِبَةِ وَلَا يَمْنَعُ بَقَاءَهَا، فَكَانَ فِيْ مَعْنَى الشَّائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَبْسُهُ إِلَّا بِغَيْرِهِ، فَإِنَّ بَيْنَهُمَا اخْتِلَاطًا وَامْتِزَاجًا، فَلَمْ يَكُنْ الْمَرْهُوْنُ وَحْدَهُ قَابِلًا لِلْحَبْسِ (١١).


(١) في (أ): (البائع).
(٢) لم أجِدْه. ويُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٧١)، تكملة الطوري على البحر الرائق (٨/ ٢٧٥)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٩/ ٤٥٦).
(٣) في (أ): (كأنَّ).
(٤) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٦٤).
(٥) يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٦/ ١٤٢)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٩٥)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (٦/ ٦٩).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٦٤).
(٧) ما بين القوسين سقط من (ب).
(٨) حُكْمُ الْبَقَاءِ أَسْهَلُ مِنْ حُكْمِ الْابْتِدَاءِ: قاعدة فقهية، معناها: أن الشروط التي يجب توافرها في ابتداء التصرف وترتب الحكم عليها يمكن أن يتجاوز عن بعضها في حال البقاء والاستمرار، ففي العقود مثلاً يمكن أن يغتفر اختلال بعض الشروط في حال استمرارها بعد وجودها، وإن كان ذلك لا يغتفر في حال انعقادها وابتدائها، ومثال ذلك: إذا وهب شخصٌ لآخر أرضًا أو دارًا ثم رجع في نصف ما وهب على الشيوع، جازت الهبة في الباقي، وإن كان النصف الباقي مشاعاً؛ لأن الشيوع الطارئ لا يمنع بقاء الهبة، وأما في حال الابتداء فلا تصح هبة المشاع، ولكن جازت هنا هبة المشاع بقاءً. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (٢/ ٥٤)، شرح القواعد الفقهية للزرقا (ص ٢٩٣).
(٩) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٦٤).
(١٠) يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٢٢٩)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٩٦)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٩٢).
(١١) يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٢٢٩).