للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا فِيْ الرَّهْنِ فَالَّذِيْ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ رَهْنًا مَا أَخَذَهُ عَيْنَهُ بِمُقَابَلَةِ دَيْنِهِ، لَكِنْ أَخَذَهُ لِيَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ، فَكَانَ هُوَ [قَابِلًا لِرَدِّهِ] (١) بِالضَّمَانِ وَأَخْذِهِ مِثْلَ حَقِّهِ (٢).

وَأَمَّا وَجْهُ بِنَاءِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: فَمَا ذَكَرَهُ فِيْ "الْمَبْسُوْطِ" فَقَالَ: وَذِكْرُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِيْ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/، قَالَ عِيْسَى/ (٣): هُوَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ، أَمَّا قَوْلُهُ الْآخَرُ كَقَوْلِ أَبِيْ يُوْسُفَ، عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ فِيْ كِتَابِ الرَّهْنِ، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ، فَإِنَّ الرَّهْنَ مَقْبُوْضٌ لِلْاسْتِيْفَاءِ، فَيَكُوْنُ بِمَنْزِلَةِ الْمَقْبُوْضِ [بِحَقِيْقَةِ] (٤) الْاسْتِيْفَاءِ، وَهُنَاكَ الْمُسْتَوْفَى إِذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِالْهَلَاكِ يَسْقُطُ حَقُّهُ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/ لِمَكَانِ الْجَوْدَةِ، فَكَذَلِكَ فِيْ الرَّهْنِ، وَعِنْدَهُمَا: هُنَاكَ يَضْمَنُ مِثْلَ الْمُسْتَوْفَى، وَيُقَامُ ردُّ الْمِثْلِ مَقَامَ رَدِّ الْعَيْنِ [لِمُرَاعَاةِ] (٥) حَقِّهِ فِيْ الْجَوْدَةِ، فَكَذَلِكَ فِيْ الرَّهْنِ (٦).

فَإِنْ [قِيْلَ] (٧): كَيْفَ يَسْتَقِيْمُ هَذَا الْبِنَاءُ، وَهُنَاكَ عِنْدَ الْقَبْضِ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِصِفَةِ الْمُسْتَوْفَى يَسْقُطُ حَقُّهُ عِنْدَهُمْ جَمِيْعًا، وَهَاهُنَا عِنْدَ قَبْضِ الرَّهْنِ هُوَ عَالِمٌ [بِرَدَاءَةِ] (٨) الْمَقْبُوْضِ؟


(١) في (ب): (قَائِلاً للرَّدِّ).
(٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١٦٤)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٥١٨)
(٣) عِيْسَى: هو أبو موسى، عيسى بن أبان بن صدقة، تلميذ محمد بن الحسن الشيباني وصاحبه، كان إمامًا، من كبار فقهاء الحنفية، ولِيَ قضاء البصرة عشر سنين، حدَّث عن: إسماعيل بن جعفر، وهشيم، ويحيى بن أبي زائدة، وروى عنه: الحسن بن سلام السواق، وغيره، كان ذكيًّا، وفيه سخاءٌ وجودٌ زائد، له بعض التصانيف، منها: "إثبات القياس" و"اجتهاد الرأي" و"الجامع" في الفقه، تُوُفِّيَ بالبصرة سنة ٢٢١ هـ. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (١٠/ ٤٤٠)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٤٠١)، الفوائد البهية للكنوي (ص ١٥١)، الأعلام للزركلي (٥/ ١٠٠).
(٤) في (أ): (فَحَقِيْقَة).
(٥) في (أ): (بِمُرَاعَاةِ).
(٦) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ١١٧)، تكملة فتح القدير (١٠/ ١٦٦)، الكفاية شرح الهداية (٤/ ١١٨٧).
(٧) في (ب): (قَالَ)
(٨) في (أ): (بِرَادَه).