للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ: (لَا يُجْبَرُ عَلَى [الْفِكَاكِ] (١)؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إِلَى أَنْ يَذْهَبَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ) (٢) إِلَى آخِرِهِ.

فَإِنْ قُلْتَ: مَا وَجْهُ مُطَابَقَةِ هَذَا التَّعْلِيْلِ بِهَذَا الْحُكْمِ، بَلْ هَذَا التَّعْلِيْلُ تَعْلِيْلُ عَدَمِ سُقُوْطِ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ يَصِيْرُ مُسْتَوْفِيًا الدَّيْنَ بِمُقَابَلَةِ الْجَوْدَةِ، لَا تَعْلِيْلُ عَدَمِ الْجَبْرِ عَلَى الْفِكَاكِ، وَهَذَا لَا مُطَابَقَةَ بَيْنَهُمَا كَمَا تَرَى؟

قُلْتُ: نَعَمْ كَذَلِكَ لَوْ أَجْرَيْنَا عَلَى ظَاهِرِهِ، لَكِنْ لَابُدَّ مِنْ الْإِضْمَارِ فِيْ تَوْجِيْهِ الْمُطَابَقَةِ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: لَا يُجْبَرُ عَلَى الْفِكَاكِ؛ لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا بِالْجَبْرِ عَلَى الْفِكَاكِ هُوَ لَا يَخْلُوْ عَنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُجْبَرَ عَلَى [الْافْتِكَاكِ] (٣) بِبَعْضِ الدَّيْنِ أَوْ بِكُلِّهِ، لَا وَجْهَ إِلَى الْأَوَّلِ؛ (لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إِلَى أَنْ يَذْهَبِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ) إِلَى آخِرِهِ، فَكَذَلِكَ (لَا يُجْبَرُ عَلَى الْفِكَاكِ)، فَكَانَ هَذَا الْحُكْمُ نَتِيْجَةَ {هَذَا} (٤) التَّعْلِيْلِ بِهَذَا الطَّرِيْقِ (٥).

وَالدَّلِيْلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا: مَا ذَكَرَهُ فِيْ "الزِّيَادَاتِ الْبُرْهَانِيَّةِ" (٦) بِقَوْلِهِ: وَالْقَلْبُ إِذَا انْكَسَرَ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ يَصِيْرُ مُسْتَوْفِيًا الدَّيْنَ بِمُقَابَلَةِ الْجَوْدَةِ، وَالْجَوْدَةُ لَا قِيْمَةَ لَهَا فِيْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ، وَلَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى الْفِكَاكِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّيْ إِلَى الْإِضْرَارِ بِهِ (٧).


(١) في (ب): (انْفِكَاك).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٧٢).
(٣) في (ب): (الانْفِكَاكِ).
(٤) سقطت من (أ).
(٥) يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (٤/ ١١٨٧)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٦٤ - ١٦٥)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (٦/ ٧٥).
(٦) الزِّيَادَات الْبُرْهَانِيَّةِ: هو "شرح الزيادات" في فروع الحنفية، لأبي المعالي، محمود بن أحمد بن عبدالعزيز ب م مازه، البخاري، برهان الدين، الْمُتَوَفَّى سَنَة ٦١٦ هـ، صاحب "المحيط البرهاني" و"الذخيرة البرهانية"، وكتابُهُ هذا شرحٌ لكتاب "الزيادات" لمحمد بن الحسن الشيباني/، ولم أجده لا مطبوعًا ولا مخطوطًا. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ٩٦٣)، هدية العارفين (٢/ ٤٠٤)، الفوائد البهية للكنوي (ص ٢٠٥).
(٧) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (١٨/ ٩٧)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (٦/ ٧٥)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٦/ ١٦١).