للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك لو ارتد (١) العدل والعياذ بالله ولحق بدار الحرب (٢) وقضى القاضي بلحوقه ثم عاد مسلماً يعود وكيلاً ههنا. بخلاف الوكيل المفرد على قول أبي يوسف (٣) -رحمه الله- حيث لا يعود وكيلاً، فوجه الفرق أنَّ الوكالة ههنا مشروطة في الرّهن فيكون تبعاً للرهن في اللزوم بخلاف الوكالة المفردة (٤).

فإن قيل: يشكل هذا بما لو مات العدل حقيقة بطل التسليط وإن كان الرهن الذي شرط فيه التسليط لم يبطل بموته، فكذا إذا مات حُكماً باللحوق بدار الحرب وجب أن يبطل وإن كان في ضمن الرهن.

قلنا: إنَّ القياس (٥) أن لا يبطل التَّسليط بموته حقيقة؛ لأنَّه لم يبطل ما شرط فيه وهو الرهن، إلا أنّا أبطلناه؛ لأنَّه وقع اليأس عن بيعه بالموت الحقيقي ولم يقع الناس (٦) عن بيعه في الموت الحكمي فإنّه يجوز أن يعود مسلما، فلم يبطل التّسليط بموته حُكما لبقاء ما شرط فيه. كذا في مبسوط شيخ الإسلام (٧).


(١) الردة لغةً: مأخوذة من الرد، والرد مصدر ردَّ الشيء، من الارتداد؛ وهو الرجوع عن الشيء مطلقاً، والمرتد؛ هو من رد نفسه إلى الكفر. واصطلاحاً: الرجوع عن الإسلام إلى الكفر.
يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (٢/ ٣٥)، لسان العرب (٣/ ١٧٣)، أنيس الفقهاء (١٨٦)، تاج العروس (٨/ ٩٠).
(٢) دار الحرب: هي بلادُ المشركين الذين لا صُلْح بينهم وبين المسلمِين. يُنْظَر: العين (٣/ ٢١٣)، تهذيب اللغة (٥/ ١٦)، لسان العرب (١/ ٣٠٣).
(٣) هو الإمام، العلامة، المجتهد، المحدث، قاضي القضاة، أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي، قاضي الكوفة، قال عن نفسه: صحبت أبا حنيفة سبع عشرة سنة (ت ١٨٢ هـ) يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٢٢٠)، طبقات الفقهاء (١/ ١٤١)، سير أعلام النبلاء (٨/ ٥٣٥).
(٤) يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (٢١/ ٨٧)، الفتاوى الهندية (٥/ ٤٤٢).
(٥) القياس لغة: مصدر قاس، يقال: قاس الشيء بغيره، أو على غيره؛ إذا قدره على مثاله، وهو يطلق على التقدير، والمساواة، وهو في الأحكام: رد الشيء إلى نظيره ليكون مثلاً له في الحكم الذي وقعت الحاجة إلى إثباته. واصطلاحاً: رد فرع إلى أصل بعلة جامعة.
يُنْظَر: المعجم الوسيط (٢/ ٧٧٠)، البرهان في أصول الفقه (٢/ ٤٨٨)، المستصفى (٣٠٧)، رفع الحاجب (٤/ ٤٣٠).
(٦) وفي (ب) (اليأس) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٧) يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للشيباني (٣/ ١٤٦) ط: ابن حزم، تبيين الحقائق (٦/ ٨١).