للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا لو ضمن المضارب ورجع (١) هو على ربِّ المال نفذت المضاربة أيضاً؛ لما أنَّ قرار الضَّمان صار على ربِّ المال، ولم يعتبر هناك لاعتبار الملك من المضارب إلى رب المال بعد عقد المضاربة، فعلى قياس ذلك ينبغي أن لا يبطل الرَّهن هنا فيما لو ضمن المُرْتَهِن ولا يعتبر لانتقال الملك من المُرْتَهِن إلى الرَّاهن بعد عقد الرَّهن كما لم يعتبر هناك.

قلت: الفرق بينهما إِنَّما نشأ من وجه آخر وهو عدم لزوم عقد المضاربة ولزوم عقد الرَّهن، وهو أنَّ في باب المضاربة، وإن ثبت للمضارب حقُّ الرجوع على ربِّ المال بالاستعمال وهو بالتَّسليم وذلك بعد العقد، إلا أنَّ عقد المضاربة عقد غير لازم وما لا لزوم له يعطى لدوامه حكم التجدد؛ ولذلك تبطل الوكالة والإذن بالتجارة بموت الموكل والمولى وجنونهما ولا تبطل الكتابةُ بموت المولى وجنونه للزوم هذه وعدم لزوم ذَينِك العبدين (٢)، وإذا صار للمضاربة حكمُ التجدد صار الملك الثَّابت لربِّ المال من وقت تسليم المال إلى المضارب سابقاً على العقد تقديراً فنفذت المضاربة.

وأمَّا الرَّهن فعقد لازم (٣) لا يعطى له حكم (٤) التجدد (٥)، والعقد على الاستعمال بالتَّسليم والملك الثَّابت للرَّاهن مقتصر على وقت التَّسليم فلا ينفذ به العقد السَّابق عليه. كذا في الجامع الصَّغير لأبي المعين -رحمه الله- (٦). (٧)

(وَقَدْ طَوَّلْنَا الكَلَامَ فِيْهِ فِي كِفَايَةِ المُنْتَهي (٨) (٩).


(١) وفي (ب) (رجع).
(٢) وفي (ب) (العقدين) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٣) أي: بالنسبة للراهن.
(٤) وفي (ب) (حكم التجارة) ولايستقيم الكلام بهذه الزيادة والله أعلم.
(٥) وفي (ب) (لتجدد)
(٦) هو الإمام الزاهد، سيف الدين، ميمون بن محمد بن محمد بن متعمد بن مكحول، أبو المعين، النسفي، الحنفي، عالم بالأصول والكلام، كان بسمرقند، وسكن بخارى، قال عمر بن محمد في كتاب القند: كان عالم الشرق والغرب، من تصانيفه: كتاب التمهيد لقواعد التوحيد، وبحر الكلام، شرح الجامع الكبير؛ للشيباني، ومناهج الأئمة، وكلاهما في فروع الفقه الحنفي، (ت ٥٠٨ هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ١٨٩)، تكملة الإكمال (٢/ ٦١١)، تاج التراجم (١/ ٣٠٨).
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٤٦، ٤٧)، البناية شرح الهداية (١٣/ ١٥).
(٨) كفاية المنتهي للمرغيناني، شرح فيه كتابه بداية المبتدي، يُنْظَر: الهداية شرح البداية (١/ ١١).
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٥).