للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن أبي ليلى -رحمه الله- يجري وهو قول الشافعي -رحمه الله- (١)، ويسلكون في الباب طريقاً سهلاً وهو اعتبار الأطراف بالنفوس (٢)؛ لأنَّها تابعة للنَّفوس فكما يجري القصاص بين الرجال والنِّساء في النفوس فكذلك في الطِّراف (٣).

ولكنَّا نقول: لا مماثلة بين طرف الرجل وطرف المرأة في المنفعة ولا في البدل والمماثلة معتبرة في القصاص في الأطراف بدليل أن الصحيحة لا تستوفى بالشلاء للتفاوت بينهما في البدل والمنفعة بخلاف النفوس فالمعتبر هناك المساواة في الفعل حتى تستوفى النفس الصحيحة بالزمنة.

فإن قيل: التفاوت في البدل يمنع استيفاء الأكمل بالأنقص ولا يمنع استيفاء الأنقص بالأكمل حتى أنَّ الشَّلاء تُقطع بالصَّحيحة وعندكم في هذا الموضع لا تقطع يد المرأة بيد الرجل.

قلنا: نعم إذا كان التَّفاوت بسبب حسي كالشَّلل وفوات بعض الأصابع فهو كما قلت فأمَّا إن (٤) كان التَّفاوت بمعنى حكمي فإنه يمنع استيفاء كل واحد منهما لصاحبه كاليمين مع اليسار وهذا المعنى وهو أنَّ التفاوت إذا كان [بنقصان] (٥) [لمعنى] (٦) حسي فمن له الحق إذا رضي بالاستيفاء يجعل مبرئاً لبعض حقه مستوفياً لما بقي وذلك جائز وبهذا (٧) لا يستوفى الأكمل بالأنقص وإن رضي به القاطع؛ لأنَّه بالرضى يكون باذلاً للزيادة فلا يحل استيفاء الطرف بالبدل فأمَّا إذا كان التَّفاوت لمعنى حكمي فلا وجه لتمكنه من الاستيفاء ههنا بطريق إسقاط البعض ولا بطريق البدل (٨).

(فَيَنْعَدِمُ التَّمَاثُلُ بِالتَّفَاوُتِ فِي القِيمَةِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ (٩) أي: التَّفاوت معلوم (قَطْعاً بِتَقْوِيمِ الشَّرْعِ (١٠) فإنَّ الشَّرع قوم اليد الواحدة للحرِّ بخمسمائة دينار قطعًا ويقينًا، ولا تبلغ قيمة يد العبد إلى ذلك، ولو بلغت إنما تبلغ بالحزر والظن فلا تكون مساوية ليد الحر يقينًا فينعدم التماثل (١١).


(١) مذهب الشافعية: أنه لا يشترط في قصاص الطرف التساوي في البدل، فيقطع العبد بالعبد، والمرأة بالرجل وبالعكس، والذمي بالمسلم والعبد بالحر، ولا عكس فيهما.
يُنْظَر: الوسيط (٦/ ٢٨٧)، روضة الطالبين (٩/ ١٧٨)، مغني المحتاج (٤/ ٢٥).
(٢) وفي (ب) (بالنفس).
(٣) وفي (ب) (الأطراف).
(٤) وفي (ب) (إذا).
(٥) سقط في (ب).
(٦) زيادة في (ب).
(٧) وفي (ب) (ولهذا).
(٨) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٣٦)، الدر المختار (٦/ ٥٥١).
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ١٦٦).
(١٠) الهداية شرح البداية (٤/ ١٦٦).
(١١) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ١٧٠)، البناية شرح الهداية (١٣/ ١١٣).