للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك في النفس لو مات من عليه القصاص فهو بناء على ما سبق أن عنده الواجب أحد شيئين إمَّا القصاص أو الأرش فإذا تعذر استيفاء أحدهما لفوات محله تعيَّن الآخر وعندنا (١) الواجب هو القصاص لا غير وقد سقط لفوات محله حقيقة وحكماً.

فإن قيل: هذا مسلم فيما إذا كانت يده صحيحة فسقطت لآكلة أو قطعت ظلما وأمَّا إذا كانت يده شلاء كان المقطوع مخيراً بين استيفاء القصاص واستيفاء الأرش فإذا تعذَّر عليه استيفاء أحدهما وهو القصاص تعين الآخر وهو الأرش كما هو مذهب الشافعي - رحمه الله-.

قلنا: لا كذلك بل كان حقه في القصاص لا غير إلا أنَّه كان له أن يستوفي الأرش لعجزه عن استيفاء كمال حقِّه بدليل أنَّه لو زال الشلل قبل أن يستوفي الأرش لم يكن له إلا القصاص وقد فات محل حقه فلا يبقى له شيء هذا كله من المبسوط (٢).

(فَالمَشْجُوجُ بِالخِيَارِ: إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ بِمِقْدَارِ شَجَّتِهِ)، (وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الأَرْشَ (٣) وقد ذكرنا الفرق بين هذا وبين من قطع يد غيره ويد القاطع أكبر من يد مقوع (٤) ولا خيار للمقطوع يده بين الاقتصاص وبين أخذ الأرش.

والفرق الذي ذكر هو ظاهر الرواية وذكر الطَّحاوي عن علي الرازي الكبير (٥) -رحمهما الله- أن له ذلك أي: الاقتصاص ولا خيار له؛ لأن في القصاص فيما دون النَّفس تعتبر المساواة في المحل ولا ينظر إلى الصغر والكبر (٦).

ألا ترى أن من قطع يد إنسان ويد القاطع أكبر من يد المقطوع أنه يجب القصاص فهذا مثله، [وقد ذكرنا جوابه] (٧).

قرنا الرأس (٨) فرداه (٩) أي: ناحيتاه (١٠).


(١) وفي (ب) (عند).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٤٦، ١٤٧)، مختصر القدوري (٢٨٤)، الهداية شرح البداية (٤/ ١٦٦)، الأم؛ للشافعي (٤/ ٥٧).
(٣) بداية المبتدي (٢٤١)، وهو لفظ القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (٢٨٤).
(٤) وفي (ب) (المقطوع)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٥) هو: الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن إبراهيم الرازي الإمام. قال الصميري: أنه من قران محمد بن شجاع. قال: وكان عارفا بمذهب أصحابنا وطعن على مسائل من الجامع ومن الأصول مع ورع وزهد وسخاء وأفضال.
يُنْظَر: الجواهر المضية (١/ ٣٨٢).
(٦) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٤٥)، تبيين الحقائق (٦/ ١١٣).
(٧) سقط في (ب).
(٨) وفي (ب) (والرأس).
(٩) وفي (ب) (فَوَدَاه)، وهكذا جاءت في المغرب.
(١٠) المغرب في ترتيب المعرب (٢/ ١٧٢).