للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إمَّا لأنَّ سقوط القصاص مُعلَّق بقبولها الزَّوج فلما قبلت سقط (١) القصاص.

وإمَّا لأنَّ سقوط القصاص باعتبار استحالة استيفاء القصاص على ما يُذكَر (٢) بُعيد هذا إن شاء الله تعالى (٣).

(وَإِذَا سَرَى تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَتْلُ النَّفْسِ (٤) أي: إذا سرى القطع عُلم أنَّ القطع كان قبل (٥) النَّفس من الابتداء لا القطع المجرَّد (وَالقِيَاسُ: أَنْ يَجِبَ القِصَاصُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ (٦) أراد به قوله: (لأَنَّهُ هُوَ المُوجِبُ للعَمْدِ (٧) (وَإِذَا وَجَبَ لَهَا مَهْرُ المِثْلِ وَعَلَيْهَا الدِّيَةُ تَقَعُ المُقَاصَّةُ (٨) أي: وارث الزوج والمرأة يتقاصان.

فإن قيل (٩): لِمَ لَم يجب القصاص ههنا على المرأة مع أنَّ القطع كان عمدًا وهو قتل من الابتداء، فإنَّه لما مات ظهر أنَّ الواجب هو القصاص، وهو لم يجعل القصاص مهراً لأنَّ القصاص لا يصلح مهراً؛ لأنَّه ليس بمال والمهر يجب أن يكون مالاً ولما لم يصلح القصاص مهراً صار كأنَّه تزوَّجها ولم يذكر شيئاً وفيه القصاص فكذا هنا؟

قلتُ: نعم كذلك إلا أنَّه لما جعل القصاص مهراً جعل ولاية استيفاء القصاص للمرأة ولو استوفت المرأة القصاص إنَّما تستوفي عن نفسها لنفسها وذلك محال فإنَّ (١٠) الإنسان لا يتمكَّن من استيفاء القصاص عن نفسه بنفسه (١١)؛ لأنَّ الشخص الواحد لا يصلح أن يكون مطالباً للقصاص ومطالبا به، فسقط القصاص لاستحالة الاستيفاء ولما سقط القصاص بقي النكاح بلا تسمية فيجب مهر المثل كما إذا لم يسمِّ ابتداء.

وحاصل ذلك [ما] (١٢) ذكره الإمام المحبوبي -رحمه الله- فقال: أنَّه لما مات من القطع في صورة التَّزوج على القطع كانت التَّسمية باطلة بالإجماع (١٣) أمَّا عندهما: فلأنَّ المتزوِّج على القطع تزوج على القطع وما يحدث منه، فإذا مات صار متزوِّجاً لها على القصاص، والقصاص (لَيْسَ بِمَالٍ (١٤) (فَلا يَصْلُحُ مَهْراً (١٥)، كما لو تزوجها على طلاق ضرتها أو عتق أبيها، وأمَّا عند أبي حنيفة -رحمه الله- فلأنَّه تزوَّجها على القطع والتَّزوُّج على القطع لا يكون تزوُّجًا على الحادث منه، كالعفو عن القطع لا يكون عفواً عن الحادث منه وكان تزوُّجًا على القطع لا غير وقد ظهر أنَّ القطع لم يكن حقاً له، وإنَّما حقه القتل ولم يتزوَّجها على ما هو حقه فلم تصح التَّسمية (١٦).


(١) وفي (ب) (يسقط).
(٢) وفي (ب) (نذكر).
(٣) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٢١١)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٦١).
(٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧١).
(٥) وفي (ب) (قتل)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧١).
(٧) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧١).
(٨) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧١، ١٧٢).
(٩) وفي (ب) (قلت).
(١٠) وفي (ب) (لأنّ).
(١١) وفي (ب) (لنفسه من نفسه).
(١٢) زيادة في (ب).
(١٣) بإجماع أبي حنيفة وأصحابه.
(١٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧١، ١٧٢).
(١٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧١، ١٧٢).
(١٦) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٢١١)، البناية شرح الهداية (١٣/ ١٤١)، الفقه على المذاهب الأربعة (٥/ ١٥٣).