للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَلَهُ أَنَّهُ اسْتَوْفَى غَيْرَ حَقِّهِ؛ لأَنَّ حَقَّهُ فِي القَتْلِ (١) وإنَّما قلنا أنَّه استوفى غير حقه؛ لأنَّه استوفى طرفاً لا حق له في استيفائه من نفس متقومة فيكون مضموناً عليه.

وبيانه: أنَّ نفس من عليه القصاص مُتَقومة في حق سائر النَّاس فكذلك في حق من له القصاص؛ لأنَّه لا حق له في استيفاء الطَّرف؛ [لأنَّ استيفاء الطرف] (٢) قطع وقد بيَّنا أنَّ حقه في القتل والقطع غير القتل (٣).

فإن قلت: لا نسلم مغايرة القطع والقتل مطلقاً في مثل هذا الحكم.

ألا ترى أنَّ شاهدين لو شهدا على رجل بالقتل فقطع الولي يده ثم رجعا ضمنا لصاحب اليد يده وإنَّما يضمنان ما أتلفا بشهادتهما فدل أن اليد متلف بشهادتهم وهم ما شهدوا إلا بالقتل فلو كان القطع غيره لما ضمنا.

ولأنَّ ولي القتيل (٤) في مسألتنا لو أعقب القطع قتلاً لم يضمن شيئاً وكان ذلك باعتبار ثبوت حقه في الطَّرف فكذلك إذا أعقب (٥) عفواً؛ لأنَّه في العفو (٦) محسن وإحسانه لا يكون موجباً عليه الضَّمان فلو كان هكذا أدَّى [إلى] (٧) خلاف (٨) المعقول وهو أن لا يكون قتله موجباً للضَّمان وعفوه موجباً للضَّمان.

ولأنَّ القطع بعد العفو لو سرى إلى النفس لم يضمن شيئاً والقطع (٩) السَّاري أفحش من المقتصر (١٠)، فإذا كان لا يضمن بعد العفو [إذا سرى] (١١) شيئاً فإذا اقتصر أولى أن لا يضمن شيئاً، وهذا؛ لأنَّ الأطراف تابعة للنَّفس فمن ضرورة ثبوت حقه في النفس ثبوت حقه في الأطراف كما لو استوفى جزءاً (١٢) في قطع يد المرتد.


(١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٣).
(٢) زيادة في (ب).
(٣) يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (٢٦/ ١٥٠).
(٤) وفي (ب) (القتل).
(٥) وفي (ب) (أعتقه).
(٦) وفي (ب) (المعفو).
(٧) سقط في (ب).
(٨) وفي (ب) (الاخلاف).
(٩) وفي (ب) (القاطع).
(١٠) وفي (ب) (المقتص).
(١١) سقط في (ب).
(١٢) وفي (ب) (حرّاً).