للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَلِأَنَّهُ جَعَلَ المَذْكُورَ (١) كُلَّ الوَاجِبِ بِحَرْفِ الفَاءِ (٢) يعني: لما دخل الفاء على هذا الواجب علم به أنَّ هذا المذكور هو كل الواجب؛ لأنَّ بدخول الفاء يُعلم أنَّه جزاء الشرط المذكور قبله وهو إنما يكون جزاء أن لو كان كل الجزاء وإلا لا يكون جزاء، حتى لو قال الرجل لامرأته: إن دخلتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ، وفي نِيَّتِهِ أن يقول: وعبده حرٌّ ولكنَّه لم يقل ذلك، لا يكون ذلك الذي هو غير مذكور [مذكور] (٣) جزاء (٤).

فكذلك ههنا ينبغي أن يكون المذكور كل الجزاء (أو لكونه كلّ المذكور (٥)، يعني: لو كان غيره (٦) مرادا [به] (٧) لَذُكِر؛ لأنَّه موضع الحاجة إلى البيان وحيث لم يذكر دل أنَّه غير مراد؛ لأنَّ السُّكوت عن البيان في موضع الحاجة إلى البيان بيان (٨) (وَالظَّاهِرُ بِسَلامَةِ أَطْرَافِهِ (٩): أي يشترط في رقبة الكفارة سلامة الأطراف من اليد والرجل والعين واللسان فيكتفى بالطِّفل (١٠) [الرضيع] (١١) بظاهر الحال من سلامة أطرافه؛ لأنَّ الظَّاهر من حاله أنَّ أطرافه سليمة.

فإن قلت: يشكل على هذا ما ذكره بعد هذا بقوله: (وَفِي عَيْنِ الصَّبِيِّ، وَذَكَرِهِ، وَلِسَانِهِ إِذَا لَم تُعْلَمْ صِحَّتُهُ: حُكُومَةُ عَدْلٍ (١٢) حيث لم يكتف هناك بظاهر الحال؛ لأنَّ هذه الأعضاء سليمة حتى يجب على القاطع خطأ دية كاملة.

قلت: قد ذكر هناك بقوله: (وَالظَّاهِرُ لا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلإِلزَامِ (١٣) أي: لإلزام الدِّية وههنا الحاجة إلى دفع الواجب والظَّاهر يصلح حجة للدَّفع ولأنه إذا عاش ههنا ولم يقطع أطرافه يعلم سلامة أطرافه.


(١) أي المذكور في الآيتين من قوله تعالى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ}، وقوله تعالى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٧).
(٢) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٧).
(٣) زيادة في (ب).
(٤) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٤٤)، البناية شرح الهداية (١٣/ ١٦١)، نتائج الأفكار (١٠/ ٢٩٦).
(٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٧).
(٦) وفي (ب) (غير).
(٧) زيادة في (ب).
(٨) يُنْظَر: أصول الشاشي (٢٦٢)، أصول البزدوي (١٦٠)، إيثار الإنصاف (٢٥٩)، كشف الأسرار (١/ ٣٥)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٤٤).
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٧).
(١٠) وفي (ب) (في الطفل).
(١١) سقط في (ب).
(١٢) بداية المبتدي (٢٤٦)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (٢٨٩).
(١٣) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٥).