للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: (الأَصَابِعَ أَصْلٌ (١) في الضَّمان والكف تبع لما ذكر.

بخلاف الشجَّة والشعر؛ لأنَّ أحدهما ليس بتبع للآخر أمَّا ههنا فبخلافه (٢) كذا ذكره فخر الإسلام (٣) وقاضي خان -رحمهما الله- (٤).

(فَرَجَّحْنَا بِالكَثْرَةِ (٥) حتَّى قلنا بوجوب أكثر الأرشين من أرشي الكف والأصبع دون الأقل (لأَنَّ البَطْشَ يَقُومُ بِهَا (٦) أي: بالأصابع (وَالتَّرْجِيحُ مِن حَيثُ الذَّاتِ وَالحُكْمُ (٧) أي: من [حيث] (٨) الحقيقة والشَّرع، أمَّا من حيث الذَّات فهو أنَّ البطش بالأصابع.

وأمَّا من حيث الحكم فَلِأَنَّ الأصبع له أرش مقدَّر والكف ليس له أرش مقدَّر وما ثبت فيه التَّقدير شرعاً فهو ثابت بالنَّص وما لا تقدير فيه [من] (٩) الشارع فهو ثابت بالرأي والرأي لا يعارض النص، فكان ما ثبت فيه التَّقدير نصاً أولى.

وهذا لأنَّ المصير إلى الرأي لأجل الضَّرورة وهذه الضَّرورة لا تتحقَّق عند إمكان إيجاب الأرش المقدَّر بالنَّص وأمَّا قولهما: (فرجّحنا للكثرة (١٠) (١١)، فقلنا: أنَّ المصير إلى التَّرجيح بالكثرة عند المساواة في القوة ولا مساواة بين الرأي والنص فلا يُصار إلى التَّرجيح، فلما كان الاعتبار عند أبي حنيفة -رحمه الله- للنصِّ وتقدير الشَّرع في هذا لم يفرق بين أن يكون الباقي من الأصابع واحداً أو أكثر؛ لأنَّ للأصبع الواحدة أرشاً مقدراً فيجعل الكف تبعاً للأصبع وإن كانت واحدة هذا (١٢) إذا بقي أصبع واحدة.


(١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٤).
(٢) وفي (ب) (بخلافه).
(٣) أبو الحسن علي بن محمد بن الحسين بن عبدالكريم، فخر الإسلام البزدوي فقيه أصولي، من أكابر الحنفية، من سكان سمرقند، نسبته إلى "بزدة" قلعة بقرب نسف، له تصانيف منها: كنز الوصول في أصول الفقه، (ت ٤٨٢ هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (١/ ٣٧٢)، سير أعلام النبلاء (١٨/ ٦٠٢)، تاج التراجم (١/ ١٤).
(٤) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ١٩٨).
(٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٤).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٤).
(٧) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٤).
(٨) زيادة في (ب).
(٩) زيادة في (ب).
(١٠) كذا في (أ) و (ب)، وفي الهداية (بالكثرة).
(١١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٤).
(١٢) وفي (ب) (وهذا).