للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: لما صحَّ التقدُّم إلى الوصي لأجل الصبي وجب أن يلزم الضَّمان على تقدير السقوط والهلاك على الوصي إذا فرط في النقض بعد التقدم إليه لأنَّ التَّقصير جاء من قبله حيث فرط في النقض مع الإمكان [فكان] (١) قاصدًا إلحاق الضَّرر بالصَّغير وهو لا يملك إلحاق الضَّرر بالصَّغير [فيجب] (٢) في مال الوصي.

قلت: نعم كذلك إلا أنَّ الجواب عن هذا أنَّ في تفريط النقض نوع مضرة للصَّغير، ونوع مصلحة له، أمَّا نوع المضرَّة: فمن حيث إنَّه ربَّما يسقط على شيء فيجب ضمان ذلك في مال اليتيم فيتضرَّر به اليتيم أكثر مما يتضرَّر به لو نقضه وبناه.

وأمَّا نوع المصلحة: فمن حيث إنَّه متى نقض احتاج إلى أن يبني ثانياً ومتى بنى ثانياً يلحق الصبي في إصلاح ذلك مؤنة عظيمة، إلا أن جانب المصلحة راجح على جانب المضرة في التفريط، لأنَّ ما يلزمه في المؤنة في نقض الحائط وبنائه ثانياً ضرر متيقَّن وما يلحق الصبي من الضَّمان بسبب سقوط الحائط مَوهُوم (٣)؛ لأنَّه يحتمل أن لا يسقط ولو سقط يحتمل أن لا يهلك به شيء فلما كان كذلك صارت العبرة للمصلحة.

وهذا كما قالوا في الوصي: إذا باع دار (٤) اليتيم ثم إنَّ المشتري بنى فيها بناءً عظيمًا ثم جاء مستحق واستحق الدَّار رجع المشتري على الوصي بالثَّمن وبقيمة البناء، ويكون ذلك في مال اليتيم وهذا الضَّرر إنَّما لحق الصبي من جهة الوصي؛ لأنَّه لو لا بيعه لما كان يجب قيمة البناء في مال اليتيم ولكن في بيع دار اليتيم إن كان على اليتيم ضرر موهوم؛ لأنَّه يحتمل أن لا يستحق يرجح جانب المصلحة على المضرة فإن قلت: لو كان التقدُّم على الوصي والأب بمنزلة التقدم على الصبي ينبغي أن لا يهدر دم القتيل فيما إذا سقط الحائط بعد بلوغ الصبي وقتل إنسانًا حيث يهدر دمه وإن كان ذلك بعد التقدُّم إلى الوصي وللأب.

قلت: إنَّما كان كذلك لأنَّ التقدُّم إلى الوصي وللأب (٥) ليس بتقدم إلى الصَّغير حقيقة ولكن جعل كالتقدُّم إلى الصَّغير لقيام ولايتهما عليه فيما دامت (٦) ولايتهما باقية عليه يبقى حكم ذلك التقدُّم في حقِّه وبالبلوغ زالت (٧) ولايتهما عنه فبطل حكم ذلك التقدُّم في حقِّه وصار في حقِّ الصَّغير كأن التقدُّم لم يوجد أصلاً هذا كله مما أشار إليه في «الذَّخيرة» (٨).


(١) سقط في (ب).
(٢) زيادة في (ب).
(٣) أي: مظنون. يُنْظَر: المصباح المنير (٢/ ٦٧٤).
(٤) كذا في (أ) وهي مثبتة في هامش (ب).
(٥) وفي (ب) (إلى الأب والوصي).
(٦) وفي (ب) (فما دام).
(٧) وفي (ب) (زال).
(٨) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٥٧).