للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن جنى جناية أخرى وقد دفع المولى القيمة إلى ولي الأولى بقضاء فلا شيء عليه أي على الولي؛ لأنه ما لزمه أكثر من قيمة واحد بجناياته ولكن يتبع الثاني الأول فيأخذ منه نصف القيمة.

فالولي بالخيار أي فولي الجناية الثانية بالخيار إن شاء أتبع المولى أي بنصف القيمة في ذمته ثم يرجع المولى على الأول؛ لأنه تبين أنه استوفى منه زيادة عن مقدار حقه، وهو نظير الوصي إذا قضى دين أحد الغريمين من التركة ولم يعلم بالدَّيْن الآخر، أو قضى دين الغريم ثم حدث دَيْن آخر بسبب كان وجد من الميت في حياته.

وإن شاء أتبع ولي الجناية أي ولي الجناية الأولى وقالا (١) لا شيء على المولى.

وحاصله أن عندهما لا يتفاوت دفع المولى قيمة المدبر إلى ولي الجناية [الأولى] (٢) حين وجدت الجناية بقضاء القاضي أو بغير قضاء القاضي لا يتبع ولي الجناية الثانية المولى بنصف القيمة بل يتبع ولي الجناية الأولى به، هما يقولان أن المولى حين دفع القيمة إلى الأول فقد فعل بنفسه عين (٣) ما يأمره (٤) القاضي به لو دفع إليه فيكون القضاء [وغير القضاء] (٥) فيه سواء، كما في الرجوع بالهبة وأخذ الدار بالشفعة (٦) (٧) بعد وجوبها؛ وهذا لأنه حين دفع ما كان لأحد في القيمة حق سوى الأول لأن السبب الموجب لحق الثاني وهو الجناية لم يوجد والحكم لا يسبق السبب؛ فلا يكون هو بهذا الدفع جانيًا في حق الثاني (٨) فلا يضمن له شيئًا، وكيف يكون جانيًا في حقه ولو أراد أن

يمنع نصف القيمة من الأول ما كان يتمكن من ذلك.

وأبو حنيفة: يقول: إنما يجب على المولى باعتبار منع الرقبة (٩) وإنما منعها بالتدبير السابق وذلك في حق أولياء الجنايتين (١٠) سواء؛ فيجعل في حق أولياء الجنايتين كان دفع القيمة من المولى كان بعد وجود الجنايتين جميعًا، وهناك (١١) إن دفع إلى أحدهما جميع القيمة بقضاء القاضي لم يضمن للثاني (١٢) شيئًا، وإن كان دفع بغير قضاء قاض كان للثاني الخيار فهذا مثله.


(١) ينظر: العناية (١٠/ ٣٦٤)، البناية (١٣/ ٣١٣).
(٢) ساقطة من (أ)؛ وإثباتها من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٣) في (ج): غير؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب؛ وبه يستقيم المعنى لسياق ما بعده.
(٤) في (ب): يفعله؛ وما أثبت من (أ) و (ج) قريب منه.
(٥) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٦) في (ب): بالشبهة؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٧) الشفعة لغة: هي مصدر بمعنى التملك مأخوذة من الشفع خلاف الوتر، يقال: كان وترًا فشفعه، واصطلاحًا: تملك البقعة جبرًا على المشتري بما قام عليه. ينظر: لسان العرب (٨/ ١٨٤)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٣٩).
(٨) في (أ): الباقي؛ وما أثبت من (ب) و (ج) لا يختلف معناه.
(٩) ينظر: المبسوط (٢٧/ ٧١)، العناية (١٠/ ٣٦٥)، البناية (١٣/ ٣١٤).
(١٠) في (ج): الجانين؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(١١) في (ب): وكذلك؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(١٢) في (أ): للباقي؛ وفي (ب): الثاني؛ وما أثبت من (ج) هو الصواب.