للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: ما الفرق لهما بين هذا وبين ما إذا جنى العبد قبل القبض في البيع الثابت؛ حيث يخير المشتري هناك بين رد البيع وإمضائه، وهاهنا إذا وجبت الدية على عاقلة المشتري عندهما بسبب قتيل وجد في دار اشتراها ولم تقبض بعد [حيث لم يخير المشتري بين رد البيع وإمضائه.

قلت: الفرق بينهما هو أن الدار] (١) لم تصر مستحقة بوجود القتيل فيها (٢) بل ضمان الجناية يجب على عاقلة المشتري حتى يكون الاستحقاق بمنزلة العيب بخلاف العبد، فإنه إذا جنى جناية في يد البائع إنما يخير المشتري؛ لأن العبد يصير مستحقًا بالجناية والاستحقاق من أفحش العيوب وقد حدث ذلك في يد البائع فيخير المشتري كما لو حُمَّ (٣) العبد في يد البائع (٤)، وله أن القدرة على الحفظ باليد لا بالملك لما أن هذا الضمان ضمان ترك الحفظ، [وضمان ترك الحفظ] (٥) إنما يجب على من كان قادرًا على الحفظ، والقادر على الحفظ هو الذي له يد أصالة لا يد نيابة (٦).

وعن هذا وقع الفرق بين هذا وبين يد المودع وأمثاله لما أن يد هؤلاء يد نيابة ويد الغاصب يد أمانة هاهنا؛ لأن العقار لا يُضمن بالغصب عند أبي حنيفة وأبي يوسف، ويد المرتهن قالوا: لا رواية فيه.

فإن قلت: ما الفرق لأبي حنيفة: بين وجوب الضمان هنا وبين وجوب صدقة الفطر؛ وفي صدقة الفطر اتفقوا على أن الاعتبار للملك.

قلت: قال أبو حنيفة: إن صدقة الفطر أينما وجبت [إنما وجبت] (٧) على المالك لا على الضامن فإنها لا تجب على الضامن بحال؛ ألا ترى أن صدقة فطر المغصوب (٨) تجب على المالك لا على الغاصب.

وأما ضمان الجناية كما يجب على المالك كذلك يجب على الغاصب (٩) بل عند اجتماعهما يكون قرار الضمان على الضامن في ضمان الجناية، حتى إن العبد المغصوب (١٠) أو المرهون إذا جنى جناية في يد الغاصب أو المرتهن واختار المولى الدفع أو الفداء يكون قرار ذلك على الضامن (١١)، هذا كله من الجامع الصغير (١٢) للإمام المحبوبي: والإمام قاضي خان: (١٣).


(١) ساقطة من (أ)؛ وإثباتها من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٢) في (ب): فيهما؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) حُمَّ الرجل: من الحُمَّى؛ وأحمه الله فهو محموم، وحم الماء: صار حارًا. ينظر: مختار الصحاح (ص/ ٨٢).
(٤) في (ج): المشتري؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب؛ وبه يستقيم المعنى.
(٥) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٦) في (ج): صيانة؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٧) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٨) في (ب): صدقة الفطر فينظر المغصوب؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٩) في (أ) و (ب): الضامن؛ وما أثبت من (ج) هو الصواب.
(١٠) في (ب): المضطرب؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(١١) في ج: القصاص؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(١٢) ينظر: تكملة البحر الرائق (٨/ ٤٥١)، تبيين الحقائق (٦/ ١٧٣، ١٧٤)، البناية (١٣/ ٣٤٧)، رد المحتار (٦/ ٦٣٢).
(١٣) ينظر: تكملة البحر الرائق (٨/ ٤٥١)، تبيين الحقائق (٦/ ١٧٣، ١٧٤)، البناية (١٣/ ٣٤٧)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٦٣٢).