للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنَ الْمَشَايخِ مَنْ قَالَ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: فَأَحَدَثَ النَّاسُ هَذَا التَّثْوِيبَ؛ أَيْ: نَفْسَ التَّثْوِيبِ؛ فَإِنَّ (١) التَّثْوِيبَ الْأَوَّلَ؛ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، ثُمَّ إِنَّ التَّابِعِينَ؛ وأهل الْكُوفَةِ؛ أَحْدَثُوا هَذَا التَّثْوِيبَ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ: (حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، مَرَّتَيْنِ بَيْنَ الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ)، وَلَفْظُ " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " (٢) يَدُلُّ عَلَى هَذَا فَإِنَّ لَفْظَةَ (٣) التَّثْوِيبِ، الَّذِي يُثَوِّبُ النَّاسُ فِي الْفَجْرِ، بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ؛ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ؛ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، مَرَّتَيْنِ حَسَنٌ، وَهَذَا هُوَ التَّثْوِيبُ الْمُحْدَثُ، وَرُوِيَ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ (٤) -رحمه الله- أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ؛ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ، أَنَّ التَّثْوِيبَ الْأَوَّلَ، كَانَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي غَيْرِهَا، وَكَانَ ذَلِكَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، فَأَحْدَثَ النَّاسُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، مَرَّتَيْنِ وَهُوَ حَسَنٌ كَذَا فِي "الْمُحِيطِ" (٥).

وَذَكَرَ فِي " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " لِقَاضِي خَانَ:) وَالتَّثْوِيبُ الْقَدِيمُ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فِي رِوَايَةِ الثَّلْجِيِّ (٦) وأبي يُوسُفَ عَنْ أَصْحَابِنَا -رحمهم الله- فِي نَفْسِ الْأَذَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ الْأَذَانِ؛ لِأَنَّ التَّثْوِيبَ عِبَارَةٌ عَنِ الرُّجُوعِ، وَالْعَوْدِ؛ فَالْعَوْدُ؛ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْفَرَاغِ) (٧).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (لِمَا ذَكَرْنَا): إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ (لِأَنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَالْمُتَأَخِّرُونَ اسْتَحْسَنُوهُ): أَيِ اسْتَحْسَنُوا التَّثْوِيبَ؛ الْمُحْدَثِ، الَّذِي أَحْدَثَهُ عُلَمَاءُ الْكُوفَةِ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ: (حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، بَيْنَ الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ)؛ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَلَكِنْ؛ لَمْ يَشْتَرِطُوا عَيْنَ ذَلِكَ اللَّفْظِ؛ الَّذِي هُوَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، بَلْ ذَكَرُوا مَا تَعَارَفُوهُ مِنْ قَوْلِهِمُ: الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ، أَوْ (قَامَتْ، قَامَتْ) (٨) بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ.


(١) في (ب): (وإن).
(٢) "الجامع الصغير" لمحمد بن الحسن (١/ ٨٣).
(٣) في (ب): (لفظ).
(٤) ينظر: الآثار لمحمد بن حسن الشيباني (١/ ٨٩).
(٥) "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٤٣ وما بعدها).
(٦) في (ب): (البلخي).
(٧) "شرح الجامع الصغير" لقاضي خان (١/ ١٥٤ - ١٥٥).
(٨) بين الكلمتين لفظ (أو) مضروب عليها من الناسخ.