للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَمَّا، ذِكْرُ اللَّهِ سَبَبٌ لِتَحْصِيلِ هَذَا الرُّكْنِ، وَمَا شُرِعَ سَبَباً لِتَحْصِيلِ الرُّكْنِ، يَجُوزُ إِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ، بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى، أَلَا تَرَى أَنَّ السُّجُودَ؛ إِنَّمَا شُرِعَ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ، عَلَى مَا قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «مَكِّنْ جَبْهَتَكَ مِنَ (١) الْأَرْضِ» (٢) ثُمَّ إِذَا وَضَعَ الْجَبْهَةَ عَلَى السَّرِيرِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَرْضِ أَجْزَاهُ، لِأَنَّ الرُّكْنَ فِعْلٌ يَحِلُّ الْجَبْهَةَ لَا فِعْلٌ يَحِلُّ الْأَرْضَ، وَإِنَّمَا الْأَرْضُ سَبَبُ لِتَحْصِيلِ الْفِعْلِ مِنَ الْجَبْهَةِ، فَجَازَ إِقَامَةُ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ، مَقَامَ الْمَنْصُوصِ، بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى، وَهُنَا (٣) أَيْضاً الرُّكْنُ فِعْلٌ يَحِلُّ اللِّسَانُ لَا فِعْلٌ يَحِلُّ هَذِهِ الْكَلِمَةُ؛ إِنَّمَا ذِكْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ سَبَبٌ لِتَحْصِيلِ [الْفِعْلِ فِي] (٤) هَذَا الرُّكْنِ فَيَجُوزُ إِقَامَةَ غَيْرِهِ مَقَامَهُ (٥) بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى.

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ -رحمه الله- أَنَّ أَفْعَلَ وَفَعِيلَا فِي صِفَاتِ اللَّهِ سَوَاءٌ) لِأَنَّ تَفْسِيرَ اللَّهُ أَكْبَرُ: اللَّهُ كَبِيرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِالْكِبْرِ (٦) إِثْبَاتُ زِيَادَةٍ فِي صِفَاتِ اللَّهِ، لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِيهِ أَحَدٌ فِي أَصْلِ الْكِبْرِيَاءِ؛ حَتَّى يَكُونَ أَفْعَلُ لِلزِّيَادَةِ، كَمَا يَكُونُ فِي أَوْصَافِ الْعِبَادِ، فَكَانَ أَفْعَلُ بِمَعْنَى فَعِيل بِهَذِهِ الدِّلَالَةِ، كَذَا فِي "مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" (٧).


(١) في (ب): (على).
(٢) جزء من حديث أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٥/ ١٥)، كتاب المناسك، باب فضل الحج، حديث (٨٨٣٠)، وأخرجه أحمد في "مسنده" (٤/ ٣٦٥ - ٣٦٦)، حديث (٢٦٠٤)، وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٥/ ٣٩)، حديث (٤٥٢٧)، و (١٢/ ٤٢٥)، حديث (١٣٥٦٦)، وأخرجه الفاكهي في"أخبار مكة" (١/ ٤٢٢)، ذكر تلبية الحاج إذا لبى وما يجيبه، حديث (٩١٨)، وأخرجه البيهقي في"دلائل النبوة" (٦/ ٢٩٣)، جماع أبواب أسئلة اليهود وغيرهم، باب ما روي في إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بما أراد أن يسأله عنه قبل سؤاله. قال الأرناؤوط عن رواية أحمد: (إسناده حسن). ونقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (١/ ٩٤) عن البخاري تحسين هذا الحديث.
(٣) في (ب): (وهذا).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) (مَقَامَهُ) ساقطة من (ب).
(٦) في (ب): (بأكبر).
(٧) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٣٥).