للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَأْتِي بِهَا وَوَجْهُ مَا ذُكِرَ فِي " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " (١) أَنَّهُ يَأْتِي بِالتَّحْمِيدِ لَا غَيْرَ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ (٢) مَتَى جَمَعَ بَيْنَ الذِّكْرَيْنِ يَقَعُ الذِّكْرُ الثَّانِي فِي حَالَةِ الاعْتِدَالِ، وَلَمْ يُشْرَعْ لِاعْتِدَالِ الانْتِقَالِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ؛ كَمَا فِي الْقَعْدَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَيَأْتِي بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّحْمِيدِ (٣) وَهَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيعَ حَثٌّ لِلْغَيْرِ (٤) عَلَى التَّحْمِيدِ، وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ لِيَحُثَّهُ عَلَى الْحَمْدِ فَكَانَ "رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ" الَّذِي هُوَ يَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْحَمْدِ أَوْلَى فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّسْمِيعِ يَحُثُّ غَيْرَهُ عَلَى الْحَمْدِ وَإِنَّهُ صَحِيحٌ مِنْهُ (٥)؛ لِأَنَّ خَلْفَهُ الْقْوْمَ فَيَحْتَاجُ إِلَى حَثِّهِمْ.

وَذُكِرَ فِي " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " لِلْمَحْبُوبِيِّ، وأشار إِلَى مَا اخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا الْكِتَابِ حَيْثُ قَالَ يَعْقُوبُ (٦): سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عَنِ الرَّجُلِ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الْفَرِيضَةِ أَيَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي؟

قَالَ يَقُولُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَيَسْكُتُ وَكَذَلِكَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ يَسْكُتُ ثُمَّ قَدْ أَحْسَنَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْهَ عَنِ الاسْتِغْفَارِ صَرِيحًا وَنَهَى عَنْهُ دَلَالَةً حَيْثُ أُمِرَ بِالتَّحْمِيدِ وَالسُّكُوتِ بَعْدَهُ وَذَكَرَ فَخْرُ (٧) الْإِسْلَامِ فِي "الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " وامَّا/ الْمُنْفَرِدُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْجَوَابِ فِيهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَجْمَعُ.


(١) "الجامع الصغير" لمحمد بن الحسن (١/ ٨٨).
(٢) (لِأَنَّهُ) ساقطة من (ب).
(٣) (بِالتَّحْمِيدِ) ساقطة من (ب).
(٤) في (ب): (الغير).
(٥) (مِنْهُ) ساقطة من (ب).
(٦) ينظر: "الجامع الصغير" لمحمد بن الحسن (١/ ٨٨) ويعقوب المقصود به " أبا يوسف" وقد صرح بكنيته صاحب كتاب "بدائع الصنائع للكاساني" (١/ ٢٠٩) فقال: (فإن أبا يوسف قال: سألت أبا حنيفة) وساق القول نفسه.
(٧) في (ب): (شيخ).