للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ ذَكَرَ السَّلَامَ بِغَيْرِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وأكثر تَسْلِيمَاتِ الْقُرْآنِ مَذْكُورٌ بِغَيْرِ الْأَلِفِ، وَاللَّامِ قَالَ تَعَالَى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ} (١) قَالُوا سَلَاماً، قَالَ سَلَامٌ، وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ، واشْرَفُ الْكَلَامِ مَا وَافَقَ الْقُرْآنِ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ صَغِيرَ السِّنِّ فَكَانَ يَنْقِلُ مَا تَأَخَّرَ مِنَ الشَّرْعِ، وأصحابنا -رحمهم الله- قَالُوا الْأَخْذُ بِتَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أَوْلَى بِوُجُوهٍ عَشْرَةٍ:

الْأَوَّلُ: التَّعْلِيمُ بِأَخْذِ الْيَدِ وَالْأَخْذُ بِيَدِهِ يُوجِبُ تَأْكِيدًا فِيمَا نَعْلَمُهُ.

وَالثَّانِي: الْأَمْرُ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ عَلَّقَ بِهِ تَمَامُ الصَّلَاةِ فَدَلَّ أَنَّ التَّمَامَ لَا يُوجَدُ بِدُونِهِ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ تَشُهُّدَ ابْنِ مَسْعُودٍ أَحْسَنُهَا إِسْنَاداً هَكَذَا (٢) قَالَهُ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ.

وَالْخَامِسُ: أَنَّ عَامَّةَ الصَّحَابَةِ أَخَذُوا بِتَشَهُّدِهِ؛ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رضي الله عنه- عَلَّمَ النَّاسَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- التَّشَهُّدَ مِثْلَ مَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَهَكَذَا رَوَى سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَابْنُ جَابِرٍ وَمُعَاوِيَةُ -رضي الله عنهم-.

وَالسَّادِسُ: أَنَّ فِيمَا قُلْنَا زِيَادَةَ وَاوِ الْعَطْفِ؛ فَيَصِيرُ كُلُّ كَلَامٍ ثَنَاءً عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَبِغَيْرِ الْوَاوِ يَصِيرُ الْكُلُّ ثَنَاءً، وَاحِداً بَعْضُهُ صِفَةٌ لِلْبَعْضِ (٣) أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ: وَاللَّهِ، وَالرَّحْمَنِ؛ لَا أَفْعَلُ كَذَا؛ فَفَعَلَ لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ، وَلَوْ قَالَ: وَاللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَا أَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَالسَّابِعُ: الْأَلِفُ وَاللَّامُ؛ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ؛ لِأَنَّهُ (٤) يَسْتَغْرِقُ الْجِنْسَ، وَسَلَامٌ نَكِرَةٌ.


(١) سورة الزمر من آية: (٧٣).
(٢) (هَكَذَا) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (ببعض).
(٤) (لِأَنَّهُ) ساقطة من (ب).