للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وامَّا قَوْلُهُ: إِنْ خَبَرَنَا مُتَأَخِّرٌ فَغَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ رَوَى أَبُو وَائِلٍ الْأَسْدِيُّ (١)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قُلْنَا (٢) السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلَاتَهُ ذَاتَ يَوْمٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا؛ فَقَالَ: «لَا تَقُولُوا السَّلَامَ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ» (٣) إِلَى آخِرِهِ؛ وَلِأَنَّ أَبَا الْحَسَن الْكَرْخِيَّ رَوَى فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كُنَّا نَقُولُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ: التَّحِيَّاتُ الطَّاهِرَاتُ الْمُبَارَكَاتُ الزَّاكِيَاتُ السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَالْمَلَائِكَةِ» فَدَلَّ أَنَّ خَبَرَهُ مُتَأَخِّرٌ عَمَّا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَوْلُهُ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَرْوِي آخِرَ السُّنَنِ لِصِغَرِ سِنِّهِ فَغَلَطٌ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَمْ يُرَجِّحْ رِوَايَةَ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَكَابِرِهِمْ؛ وَلِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- إِنْ تَقَدَّمَتْ هِجْرَتُهُ فَقَدْ دَامَتْ صُحْبَتُهُ إِلَى أَنْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَإِذًا كَيْفَ مَا دَارَتِ الْقِصَّةُ فَمَا قَالَهُ عُلَمَاؤُنَا أَوْلَى.

(وَقَدْ حكَي أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ -رحمه الله- كَانَ جَالِساً بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَفِي الصَّلَاةِ وَاوٌ أَمْ وَاوَانِ؟


(١) هو شقيق بن سلمة أبو وائل الأسدي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا، سمع عمر وعبد الله، وكان ممن سكن الكوفة، وورد المدائن مع علي بن أبي طالب حين قاتل الخوارج بالنهروان.، توفي سنة ٨٢ هـ. انظر: "التاريخ الكبير للبخاري " (٤/ ٢٤٥)، "تاريخ بغداد للخطيب البغدادي" (١٠/ ٣٧٠)، "أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير" (٢/ ٣٧٦)، " وفيات الأعيان لابن خلكان " (٢/ ٤٧٦).
(٢) (قُلْنَا) ساقطة من (ب).
(٣) أخرجه البخاري في"صحيحه" (٣/ ٦٨٨)، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (السلام المؤمن)، حديث (٧١٠٦)، وأخرجه مسلم في"صحيحه"ص ١٧٢، كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، حديث (٤٠٢).