للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي "شرح الطحاوي": فَالتَّسْلِيمَةُ الْأُولَى لِلْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ، وَالثَّانِيَةُ لِلتَّسْوِيَةِ، وَتَرْكِ الْجَفَاءِ وَيَنْوِي مَنْ عَنْ يَمِينِهِ مِنَ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ، وَالْحَفَظَةِ، وَهَذَا لَفْظُ "الْجَامِعِ الصَّغِيرِ" (١).

وأمَّا رِوَايَةُ " الْمَبْسُوطِ " (٢) فَبِتَقْدِيمِ الْحَفَظَةِ عَلَى الرِّجَالِ، أَمَّا النِّيَّةُ فَلِأَنَّهُ يُحْيِي سُنَّةً فَلْيَكُنْ بِالنِّيَّةِ قِيَاساً عَلَى سَائِرِ السُّنَنِ، وَهَكَذَا يَقُولُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، إِذَا سَلَّمَ يَنْوِي السُّنَّةَ؛ كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ.

وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: (يَنْوِي؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقْبِلُهُمْ بِوَجْهِهِ وَيُخَاطِبُهُمْ بِلِسَانِهِ، فَيَنْوِيهِمْ بِقَلْبِهِ فَإِنَّ الْكَلَامَ يَصِيرُ عَزِيمَةً بِالنِّيَّةِ؛ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ وَرَاءَ لِسَانِ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ فَلْيَنْظُرْ امْرُؤٌ مَا يَقُولُ» (٣) وَقَدَّمَ ذِكْرَ الْحَفَظَةِ ها هُنَا، وأخره فِي " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " حَتَّى ظَنَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا؛ أَنَّ مَا ذُكِرَ ها هُنَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلِ، فِي تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْبَشَرِ (٤)، وَمَا ذَكَرَهُ فِي "الْجَامِعِ الصَّغِيرِ" بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ فِي تَفْضِيلِ الْبَشَرِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا فَإِنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ، لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُرَتِّبَ النِّيَّةَ؛ فَيُقَدِّمُ الرِّجَالَ عَلَى الصِّبْيَانِ، وَلَكِنَّ مُرَادَهُ تَعْمِيمُ الْفَريِقَيْنِ بِالنِّيَّةِ، وأكثر مَشَايِخُنَا يَخُصُّ بِهَذِهِ النِّيَّةِ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.


(١) "الجامع الصغير" لمحمد بن الحسن (١/ ١٠٥).
(٢) "المبسوط" للسرخسي (١/ ٣٠).
(٣) أخرجه أبي نعيم في"حلية الأولياء" (٨/ ١٦٠)، وأخرجه القضاعي في"مسنده" (٢/ ١٦٩)، حديث (١١١٨)، وأخرجه إسماعيل بن الفضل الأصبهاني في"الترغيب والترهيب لقوام السنة" (٢/ ٣٤٣)، باب الصاد، باب الترغيب في الصمت وحفظ اللسان، فصل في الترهيب من فضول الكلام، حديث (١٧٣٤).
وقال أبو نعيم: (غريب لم نكتبه متصلاً مرفوعاً إلا من حديث وهيب).
(٤) (عَلَى الْبَشَرِ) ساقطة من (ب).