للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما تعلقهم بقوله: «لا صلاة لجار المسجد» (١)

قلنا: هذا إنما ورد لنفي (٢) الفضيلة والكمال لا لنفي الجواز ألا ترى/ أنه كما قال: «لا صلاة لجار المسجد» (٣) فقد قال: «لا صلاة للعبد الآبق، ولا للمرأة الناشزة» (٤)، وإجماع (٥) أن المراد في حق المرأة والعبد نفي الفضيلة لا نفي الجواز (٦).

وأما تعلقهم بالحديث الآخر (٧) (٨) قلنا: في الحديث: إنهم تخلفوا عن الصلاة، ولم يقل: تخلفوا عن الجماعة، والصلاة فريضة، وتارك الفرض (٩) (١٠) يستحق الوعيد (١١) كذا في مبسوط شيخ الإسلام في باب القيام في الفريضة (١٢).

قلت: ولو نقل الحديث (١٣) عن الجماعة لا يدل على الفرضية أيضًا؛ لأنه من أخبار الآحاد (١٤)، فلا يزاد به على كتاب الله تعالى؛ لأن الزيادة نسخ (١٥) لما عرف، وبمثله لا يثبت نسخ الكتاب، والكتاب يقتضي الجواز بدون الجماعة لما مر.


(١) سبق تخريجه ص (٨٩).
(٢) النفي هو ما لا ينجزم بلا، وهو عبارة عن الإخبار عن ترك الفعل. (التعريفات/ باب النون/ ١/ ٣١٤)
(٣) سبق تخريجه ص (٩٠).
(٤) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٧١٣٧ - ٣/ ٥٥٨).
(٥) الإجماع: اتفاق علماء العصر المجتهدين على أمر من أمور الدين. يُنْظَر: شرح الزركشي لمختصر الخرقي ١/ ٦٨، مصطلحات المذاهب ص ٣٧٢.
(٦) يُنْظَر: شرح فتح القدير: ١/ ٢٩٣.
(٧) يقصد بذلك حديث «لقد هممت أن آمر رجلًا أن يصلي بالناس بالجماعة، ثم أعمد إلى قوم تخلفوا عن الصلاة فأحرق بيوتهم» المذكور في ص (٩٠) من هذا الكتاب.
(٨) ساقط من (ب).
(٩) الْفَرْضُ بِمَعْنَى: الإْيجَابِ يُقَال: فَرَضَ اللَّهُ الأْحْكَامَ فَرْضًا أَيْ أَوْجَبَهَا، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالإْيجَابِ. أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَالْفَرْضُ: ما قطع بلزومه حتى يكفّر جاحده، وقد يطلق على الفرض العملي: وهو ما توفت الصحة بفواته. يُنْظَر: الدر المختار ١/ ٩٤. يُنْظَر: الواضح في أصول الفقه ١/ ٢٩.
(١٠) في (ب): الفريضة.
(١١) في (ب): الوعد.
(١٢) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٢٩٥.
(١٣) في (ب): زيادة تخلفوا.
(١٤) خَبَرُ الواحدِ في اللغة: ما يرويه شخصٌ واحدٌ، وفي الاصطلاح: ما لم يَجْمَعْ شروطَ التواتر يُنْظَر: تقويم النظر (٢/ ١٨٣).
(١٥) النسخ: رفع الحكم الأول بنص شرعي متأخر. يُنْظَر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ٣/ ١٠٢، الكليات ص ٨٩٢، معجم لغة الفقهاء ص ٤٧٩.