للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن لم يتكلم بعد سبق الحدث، ولكن لما رجع إلى أهله بال أو تغوط، فإنه لا يبنى على صلاته؛ لأن هذا حدث العمد، وحدث العمد مانع للبناء.

قلت: وجملة هذا أنه إنما يجوز البناء على صلاته في الأحداث الخارجة من بدنه الموجبة للوضوء دون الغسل من غير قصد منه للحدث أو لسببه أو من غيره، ولم يأت بعده بما ينافي الصلاة من توقف في موضع الصلاة، وكلام وحدث أو كشف عورة من غير ضرورة أو فعل ينافي الصلاة مما له منه بد فلذلك (١) قلنا: لا يجوز البناء فيما إذا انتضح البول على بدن المصلي أو ثوبه أكثر من قدر الدرهم فانصرف ليغسله؛ لأنه ليس من الأحداث، وكذا (٢) فيما إذا انتقض وضوءه بالإغماء أو الجنون أو القهقهة؛ لأنها ليست بخارجة في البدن، وكذا في الاحتلام، وإن كان خارجا من البدن؛ لأنه موجب للغسل والنص ورد فيما يوجب الوضوء دون الغسل، وكذا في الحدث العمد؛ لأنه يقصده (٣)، والشرط سبق الحدث، وكذا فيما إذا كانت به جراحة أو دمل فغمزها بيده فسال منها الدم؛ لأنه وجد منه القصد بسبب الحدث، وكذا فيما إذا رماه إنسان ببندقة أو حجر أو سقط الحجر من السقف فأصابه فسال الدم؛ لأن الحدث منه بسبب غيره، وكذا إذا مكث ساعة في موضع الصلاة بعد سبق الحدث؛ لأن ذلك أداء منه للصلاة بالحدث، وذلك مفسد للصلاة (٤) على ما ذكرناه وكذا فيما إذا تكلم أو بال أو تغوط بعد سبق الحدث؛ لأنه أتى بما ينافي الصلاة، وكذا في كشف العورة من غير ضرورة (٥).

وقال في فتاوى قاضي خان: المصلى إذا سبقه الحدث فذهب ليتوضأ فانكشفت عورته في الوضوء أو كشفها هو. قال (٦) القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله: إن لم يجد بدًّا من ذلك لم تفسد صلاته، وإن وجد منه بدًّا بأن تمكن من الاستنجاء وغسل موضع النجاسة تحت القميص فأبدا عورته فسدت صلاته (٧)، وكذا فيما إذا أتى الحوض، فوجد موضعًا يقدر على الوضوء، فجاوز ذلك الموضع وتوضأ في مكان آخر؛ لأنه مشى من غير حاجة هذه القيود مستفادة من شرح الطحاوي، والخلاصة وغيرهما، والمنفرد إن شاء أتم من منزله، وهو اختيار بعض مشايخنا لما فيه من تقليل المشي (٨).


(١) في (ب): فكذلك
(٢) في (ب): (من الأصح أحداث بدل من ليس من الأحداث، وكذا)
(٣) في (ب): يقصد
(٤) في (ب): الصلاة
(٥) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٨١، وتبيين الحقائق: ١/ ١٥٢.
(٦) في (ب): فقال
(٧) ينظر: حاشية ابن عابدين ١/ ٦٠٥.
(٨) يُنْظَر: الفتاوى الهندية: ١/ ٩٤.