للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك لو احتمل ميّتًا قبل الغسل، وصلى معه لا يجوز الصلاة، ولو كان الغسل واجبًا؛ لإزالة الحدث لا غير؛ لكان يجوز الصلاة مع الميت قبل الغسل كما لو حمل محدثًا فصلى معه، والدليل عليه [أيضًا] (١) أن الميت لا يُمسح برأسه، ولو كان للحدث لسن المسح على رأسه كما في الجنب، فدلّ أنّ الغسل واجب لإزالة نجاسة تثبت بالموت كرامة للآدمي بخلاف سائر الحيوانات، وكأنّ هذا القول أقرب إلى القياس؛ لأن هذا القائل قال: بثبوت النجاسة بعد وجود علتها، وهو احتباس الدم السائل في العروق، وقال: بزوال هذه النجاسة بالغسل، وللغسل أثر في إزالة النجاسة كما في حالة الحياة، وإن لم يكن له أثر في إزالة نجاسة الموت في سائر الحيوانات سوى الآدمي، فكان هذا القول موافقًا للقياس، وأما ما قاله البلخي مخالف للقياس، وهو المنع لثبوت النجاسة مع قيام العلة الموجبة للنجاسة. كذا في «مبسوط شيخ الإسلام» (٢)، و «المحيط» (٣)، وكذا ذكر لفظ وجوب الغسل شمس الأئمة السرخسي (٤)، وصاحب «التحفة» (٥) رحمهما الله.

وفي «مبسوط فخر الإسلام»: غسل الميت سنة واجبة. واعلم: أن أقسام [غسل] (٦) الميت، والصلاة عليه لا تنفلت عن القسمة العقلية، فإنّ منهم من يُغسل، ويُصلى عليه، وهو المسلم الذي مات حتف أنفه، ومنهم عكسه، وهو الذي لا يُغسل، ولا يُصلّى عليه، وهو الكافر الذي لا ولي له من المسلمين، ومنهم من يغسل، ولا يُصلى عليه، وهو الباغي، وقاطع الطريق، والكافر الذي له ولي مسلم، ومنهم [عكسه، وهو] (٧) الذي لا يُغسل، ولكن يصلّى عليه، وهو الشهيد (٨).

قوله: (وإذا أرادوا غسله وضعوه على سريره … إلى آخره) (٩)، أمّا الوضع على السرير؛ لأنه لو وضع على الأرض يتلطّخ بالطين، فيوضع عليه (١٠)؛ كيلا يتلطّخ به، وإن لم يبيّن كيفية وضع التخت إلى القبلة طولًا، أو عرضًا من أصحابنا من اختار الوضع طولًا كما كان يفعله في مرضه إذا أراد الصلاة بالإيماء، ومنهم من اختار الوضع عرضًا [كما يودع] (١١) في القبر، قال شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله-: والأصح أنه يوضع كما يتيسر (١٢)، فإن ذلك يختلف باختلاف الأماكن، والمواضع، وجعلوا على عورته خرقة؛ لأن ستر العورة واجب على كل حال، والآدمي محترم حيًّا، وميتًا (١٣).


(١) [ساقط] من (ب).
(٢) ينظر: بدائع الصنائع: ١/ ٢٩٩.
(٣) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٩٠، ٢٩١.
(٤) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١٠٥.
(٥) ينظر: تحفة الفقهاء: ١/ ٢٤٠.
(٦) [ساقط] من (ب).
(٧) [ساقط] من (ب).
(٨) ينظر: رد المحتار: ٢/ ٢١٢.
(٩) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٨.
(١٠) في (ب): " فيه ".
(١١) [ساقط] من (ب).
(١٢) في (ب): "ينتشر".
(١٣) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٠٥، ١٠٦.