للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى أنه لا يحل للرجال غسل النساء، ولا للنساء غسل الرجال للأجانب بعد الوفاة، ثم ظاهر الرواية أنه يستر [السوءة] (١) العورة -[أي: العورة] (٢) الغليظة- وحدها، وبترك فخذاه مكشوفتين (٣).

وفي «النوادر»: قال: ويوضع على عورته خرقة من السرة إلى الركبة، وهكذا ذكر الكرخي في كتابه، وهو الصحيح قال - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه -: «لا ينظر إلى فخذ حي، وميت» (٤)، كذا في «المحيط» (٥).

واحترز عن رواية «النوادر» في الكتاب بقوله: هو الصحيح (٦).

وفي «المبسوط» (٧): وروى الحسن عن أبي حنيفة -رحمه الله-: أنه يؤزّر بإزار سابغ كما يفعله في حياته إذا أراد الاغتسال،/ وفي ظاهر الرواية قال: يشق عليهم غسل ما تحت الإزار، فيكتفي بستر العورة الغليظة بخرقة، ونزعوا ثيابه، فإنّ السنة عندنا في الغسل أن يجرّد الميت، وقال الشافعي -رحمه الله- السنة أن يغسل في قميص واسع الكمين حتى يُدخل الغاسل يده في الكمين، ويغسل بدنه، وإن كان ضيقًا خرق الكمين؛ «لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما توفي غسل في قميصه الذي توفي فيه» (٨)، وما كان سنة في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - كان سنة في حق غيره ما لم يقم دليل التخصيص (٩)، ولأن الميت متى جرد يُطّلع الغاسل على جميع أعضائه، فربّما يطلع على عورته، وقبل الموت كان يكره الاطلاع عليه، فكذا بعد الموت حقًّا للميت، واحتج علماؤنا بما روت عائشة رضي الله عنها: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما توفي اجتمعت الصحابة لغسله، فقالوا لا ندري (١٠) كيف نغسله يغسل كما نغسل موتانا أو يغسل، وعليه ثيابه فأرسل الله تعالى عليهم النوم، فما منهم إلا نام، وذقنه على صدره؛ إذ ناداهم مناد أن اغسلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثيابه» (١١)، فقد أجمعت الصحابة أنّ السنة في سائر الموتى التجريد، ولأن هذا غسل واجب، فلا يقام مع الثياب اعتبارًا بحالة الحياة، وهذا لأن المقصود من الغسل هو التطهير، والتطهير لا يحصل إذا غسل مع ثيابه؛ لأن الثوب متى (١٢) ينجس بالغسالة ينجس بدنه ثانيًا بنجاسة الثوب، فلا يفيد الغسل، فيجب التجريد.


(١) [ساقط] من (ب).
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٠٦.
(٤) أخرجه أبو داود في «سننه» (٤/ ٧١)، كتاب الحمام، باب النهي عن التعري، رقم (٤٠١٧)، وابن ماجه في «سننه» (١/ ٤٦٩)، كتاب الجنائز، باب ما جاء في غسل الميت، رقم (١٤٦٠). قال الألباني في (صحيح وضعيف سنن ابن ماجه: ٣/ ٤٦٠): ضعيف جدًّا.
(٥) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٩٣.
(٦) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٠٧.
(٧) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١٠٥، ١٠٦.
(٨) ذكره المباركفوري. ينظر: مرعاة المفاتيح: ٥/ ٣٤٦.
(٩) في (ب): " الخصوص ".
(١٠) في (ب): " نرى ".
(١١) أخرجه أبو داود في «سننه» (٣/ ١٦٥)، كتاب الجنائز، باب في ستر الميت عند غسله، رقم (٣١٤٣). من حديث عائشة رضي الله عنها. قال الألباني في (صحيح وضعيف سنن أبي داود: ٧/ ١٤١): حسن.
(١٢) في (ب): " إذا ".