للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: لكن المسائل تدل على أنه واجب منها تقديمه على الدين، والوصية، والإرث، ومنها قولهم: ومن لم يكن له مال، فكفنه على من يجب عليه نفقته كما يلزمه كسوته في حال حياته إلا المرأة لا يجب كفنها على زوجها عند محمد -رحمه الله-؛ لأن الزوجية قد انقطعت بالموت، وعند أبي يوسف: [أنه] (١) على زوجها، ومنها ما ذكر في «النوازل»: إذا مات الرجل، ولم يترك شيئًا، [ولم يكن هناك من وجب عليه نفقته يفترض على الناس] (٢) أن يكفّنوه إن قدروا عليه، وإن لم يقدروا عليه سألوا الناس، فرق بين الميت، والحي إذا (٣) لم يجد ثوبًا يصلي فيه ليس على الناس أن يسألوا له ثوبًا، والفرق أنّ الحي يقدر على السؤال بنفسه، والميت لا. كذا في «المحيط» (٤)، وغيره (٥).

ولا يشكل على ما ادّعيت من الوجوب لفظة الكتاب بقوله: قال: (السنة [أن يكفن الرجل) (٦) لما أن ذلك في كيفية التكفين لا في أصله، ويجوز أن يكون الشيء في أصله فرضًا أو واجبًا، وله سنن في هيئاته، وكيفياته، كما في سنية تثليث الوضوء، وغيره (٧).

قوله: (السنة] (٨) أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب) (٩)، وحاصله: أن الكفن على ثلاثة أنواع (١٠) كفن سنة، وكفن كفاية، وكفن ضرورة، وكفن السنة في حق الرجل ثلاثة أثواب، وفي حق المرأة خمسة، والكفاية في حق الرجل ثوبان، وفي حق المرأة ثلاثة، والضرورة فيما [يوجد فيهما، «فإن] (١١) حمزة - رضي الله عنه - (١٢) استشهد، وعليه نمرة إذا غطى بها رأسه بدت قدماه، وإذا غُطي بها قدماه بدا رأسه، فغطى بها رأسه، وجعل على قدميه الإذخر» (١٣). كذا في «المحيط» (١٤).


(١) [ساقط] من (ب).
(٢) في (ب): " ويوجد من يجب نفقته عليه، سائلوهم أن يكفنوه".
(٣) في (ب): "أنه إن".
(٤) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٢٠.
(٥) ينظر: الجوهرة النيرة: ١/ ١٠٤.
(٦) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٩.
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١١٣.
(٨) [ساقط] من (ب).
(٩) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٩.
(١٠) في (ب): " أثواب ".
(١١) في (ب): " روي أن ".
(١٢) حمزة بن عبد المطلب بن هاشم. أبو عمارة، من قريش: عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد صناديد قريش وسادتهم في الجاهلية والإسلام. ولد ونشأ بمكة. ولما ظهر الاسلام تردد في اعتناقه، ثم علم أن أبا جهل تعرض للنبي صلى الله عليه وسلم ونال منه، فقصده الحمزة وضربه وأظهر إسلامه. وقتل يوم أحد فدفنه المسلمون في المدينة. ينظر: الثقات لابن حبان: ٣/ ٦٩، الإصابة في تمييز الصحابة: ٢/ ١٢١.
(١٣) أخرجه أحمد في «مسنده» (٣/ ١٢٨ - رقم ١٢٣٢٢)، من حديث أنس رضي الله عنه. وقال شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أسامة بن زيد فقد روى له مسلم متابعة، وفيه كلام ينزله عن رتبة أهل الضبط.
(١٤) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣١٦.