للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى أنّ اليهودي لما آمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند موته قال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «ولُّوا أخاكم»، ولم يخل بينه وبين والده اليهودي (١)، ويكره أن يدخل الكافر في قبر قرابته من المسلمين ليدفنه؛ لأن الموضع الذي فيه الكافر ينزل فيه اللعن، والسُّخط، والمسلم يحتاج إلى نزول الرّحمة في كلّ ساعة، فينزّه قبره من ذلك. كذا في «المحيط» (٢).

وذكر الإمام التمرتاشي: لو كان هناك من يقوم بذلك من أقاربه الكفرة، فالأولى للمسلم أن يدع ذلك لهم، ولكن يتبع الجنازة إن شاء إلا إذا كان مع الجنازة كفّار، فينبغي أن يمشي بأخيه ناحية منهم، أو أمام الجنازة ليكون معتزلًا عنهم، وقول محمد: وله وليّ مسلم عاب ليه بعض الناس هذا اللفظ حيث أثبت الولاية بين الكافر، والمسلم، والله تعالى نفى ذلك بقوله: {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} (٣)، والجواب عنه: [أنه] (٤) أراد (٥) بالولاية القرابة (٦)، وذكر الإمام الكُشاني (٧)، والمحبوبي: والكافر الميت إنما يغسّل؛ لأنه السنة في عامة بني آدم، ولأنّه حال رجوعه إلى الله، فيكون ذلك حجّة عليه لا تطهيرًا حتى لو وقع الكافر الميّت [الغسيل] (٨) في الماء القليل أفسد الماء بخلاف المسلم، فإنّه لا ينجّس الماء القليل إذا غسل، وينجّس قبل الغسل (٩).

وكذلك لو صلّى، وهو حامل ميت مسلم إن كان قبل الغسل لم يجز صلاته، وإن كان غسيلًا جاز بخلاف الكافر حيث لا يجوز لا قبل الغسل، ولا بعده، والكافر كالخنزير غير أنّه لم ينجس حال حياته لحمل أمانة الله، ولاحتمال الإسلام، فلما ختم له بالشقاوة [صار] (١٠) شرًّا من الخنزير (١١).


(١) أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٦/ ٢٧٢).
(٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٥٣.
(٣) سورة المائدة من الآية: (٥١).
(٤) [ساقط] من (ب).
(٥) في (ب): "أراد محمد".
(٦) ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ٦/ ٢١٦.
(٧) مسعود بن الحسن بن الحسين بن محمد بن إبراهيم الكشاني، والد محمد أبو سعد ركن الدين الخطيب. روى عن الشيخ سيف الدين أبي محمد عبدالله بن علي الكندي والخطيب أبي نصر محمد بن الحسن الباهلي وشمس الأئمة السرخسي روى عنه الإمام الصدر الشهيد حسام الدين أبو المعالي عمر بن عبد العزيز بن عمر بن مازة والشيخ ظهير الدين أبو المحاسن المرغيناني قال أبو سعد في الأنساب: روى لنا عنه ببخارى ابنه محمد الكشاني ومحمود بن أحمد بن الفرح الساغرجي بسمرقند وجماعة سواهما، مات سنة عشرين وخمس مائة له ثلاث وسبعون سنة. (الجواهر المضية: ٢/ ١٦٨).
(٨) [ساقط] من (ب).
(٩) ينظر: الفتاوى الهندية: ١/ ١٦٠.
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) ينظر: البحر الرائق: ١/ ٢٤٣.