للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والصيانة) (١) أي: أن يكن السقوط، وذكر شيخ الإسلام، والإمام المحبوبي، وما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حمل جنازة سعد بن معاذ - رضي الله عنه - (٢) بين العمودين، فإنها فعل ذلك لضيق الطريق، حتى روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يمشي على … أصابعه، وصدور قدميه لازدحام الملائكة، وعدنا في حالة الضرورة، لضيق الطريق، أو لقلة الحاملين] (٣)، (٤) لا بأس بأن يحمل الجنازة رجلان، أو لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك؛ لأنه كان يأمن انقلاب الميت متى دخل بين العمودين لقوّته، فإن لكل نبي قوة أربعين رجلًا، ولنبيّنا - صلى الله عليه وسلم - قوة أربعين نبيًّا، وعندنا كراهة الحمل بين العمودين لما فيه من تعريض الميت للسقوط، وهذا جواب عما قاله الشافعي أن حمل الجنازة عبادة، والحمل/ على ما قلته أشق على البدن، وما كان أشق على البدن من العبادات فهو أفضل؛ لأنّا نقول: إن كان ذلك على الحامل أشق، ففيه تعريض الميت للسقوط، وكان صيانة الميّت عن السقوط أولى من اكتساب زيادة المشقّة لزيادة الثواب؛ لأن ذلك في وصف العبادة، وهذا في أصلها (٥).

[١٦٠/ ب] (ويمشون به مسرعين دون الخبب) (٦) الخبب ضرب من العَدْو دون العَنقِ؛ لأن العنق خطو فسيح واسع. كذا في «المغرب» (٧).

وإنّما كان هكذا الماوردي (٨): أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن المشي بالجنازة فقال: «ما دون الخبب، فإن يكن خيرًا عجّلتموه إليه، وإن يكن شرًّا وضعتموه عن رقابكم، -أو قال- فبعدًا لأهل النار» (٩)، ورُوي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّه قال: لما حضره الموت [قال] (١٠) اسرعوا بي إلى قبري، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[أنّه] (١١) قال: «إن العبد الصالح إذا وضع على السّرير يقول: قدّموني، وإذا وضع العبد السيء (١٢) على السّرير يقول: يا ويلي أين تذهبون بي» (١٣)، وإنما يكره الخبب؛ لأن فيه ازدراءً بالميت، وإضرارًا بمن يتبعه، ثم المشي قدّام الجنازة لا بأس به، والمشي خلفها أفضل عندنا (١٤).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩١.
(٢) سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس، الأوسي الأنصاري: من أهل المدينة. كانت له سيادة الأوس، وحمل لواءهم يوم بدر. رمي بسهم يوم الخندق، فمات من أثر جرحه. ودفن بالبقيع، وعمره سبع وثلاثون سنة. ينظر: الثقات لابن حبان: ٣/ ١٤٦، الإصابة في تمييز الصحابة: ٣/ ٨٤، تهذيب الكمال: ١٠/ ٣٠٠.
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٣٣.
(٥) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٢٢.
(٦) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩١.
(٧) (١/ ٢٤١ - مادة "خبأ").
(٨) علي بن محمد بن حبيب، أبو الحسن الماوردي: أقضى فضاة عصره. من العلماء الباحثين، من أصحاب التصانيف الكثيرة النافعة. ولد في البصرة سنة ٣٦٤ هـ، وانتقل إلى بغداد. وولي القضاء في بلدان كثيرة، وكان يميل إلى مذهب الاعتزال، وله المكانة الرفيعة عند الخلفاء، نسبته إلى بيع ماء الورد، ووفاته ببغداد سنة ٤٥٠ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء: ١٨/ ٦٤، طبقات الفقهاء الشافعية: ٢/ ٦٣٦، الأعلام للزركلي: ٤/ ٣٢٧.
(٩) أخرجه الترمذي في «سننه» (٣/ ٣٣٢)، كتاب الجنائز، باب المشي خلف الجنازة، رقم (١٠١١). قال الألباني في (صحيح وضعيف سنن الترمذي: ٣/ ١١): ضعيف.
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) [ساقط] من (ب).
(١٢) في (ب): " الشر ".
(١٣) أخرجه النسائي في «سننه» (٤/ ٤٠)، كتاب الجنائز، باب السرعة بالجنازة، رقم (١٩٠٨). وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢/ ٢٩٢ – ٧٩٠١)، قال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن.
(١٤) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٢٢.