للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(التسجية) (١) التغطية يسجى قبر المرأة (٢) بثوب حتى يفزع من اللحد؛ لأنها عورة من فوقها إلى قدمها، فربّما يبدو شيء من [أثر] (٣) عورتها.

ألا ترى أنّها خصّت بالنعش على جنازتها، وهو [شيء] (٤) شبه المحفّة مسبّك يطبق على المرأة إذا وضعت على الجنازة، وقد صحّ أن قبر فاطمة (٥) رضي الله عنها سُجي بثوب، ونعش على جنازتها (٦)، ولم يكن للنعش في جنازة النساء حين ماتت فاطمة، فأوصيت قبل موتها أن تستر جنازتها فاتخذوا لها نعشًا من جريد النخل، فبقي سُنّة هكذا في جميع النساء، وإذا وضعت في اللحد استغنت عن التسجية، وإن كان رجلًا لا يُسجى قبره عندنا، وعند الشافعي يسجى لما روي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجى قبر سعد بن معاذ - رضي الله عنه -» (٧)، ولأصحابنا ما روي عن علي - رضي الله عنه - أنّه [لما] (٨) مرّ لميت، وقد سجى قبره فنزعه، وقال: «إنّه رجل»، ولأن مبنى حال الرجل على الانكشاف فلا يُسجّى قبره إلا لضرورة، وهي ضرورة دفع الحر، أو الثلج، أو المطر عن الداخلين في القبر، وتأويل قبر سعد بن معاذ أنّه إنما سجى قبره؛ لأن الكفن كان لا يغمر (٩) بدنه فسجى قبره حتّى لا يقع الاطلاع لأحد على شيء من أعضائه. كذا في «المحيط» (١٠).

(ويُكره الآجر، والخشب) (١١) هذا ظاهر الرواية، وبعضهم فرق بينهما، وقال: كراهة الآجر من حيث إنه مسته النّار فلا يتفائل به، وهذا المعنى معدوم في حق الخشب فلا يكره، ولكن هذا الفرق ليس بصحيح، فإن مساس النار في الآجر لا يصلح علة للكراهة، فإنّ السنّة أن يغسل الميت بالماء الحار، وقد مستّه النار، وقال مشايخ بخارى: لا يكره الآجر في بلدتنا لمساس الحاجة إليه لضعف الأراضي حتّى قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل (١٢)


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٢.
(٢) في (ب): " الميت ".
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) [ساقط] من (ب).
(٥) فاطمة بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ابن عبد الله بن عبد المطلب، الهاشمية القرشية، وأمها خديجة بنت خويلد: من نابهات قريش. وإحدى الفصيحات العاقلات. عاشت بعد أبيها ستة أشهر. وهي أول من جعل له النعش في الإسلام. لفاطمة ١٨ حديثًا. ينظر: الثقات لابن حبان: ٣/ ٣٣٤، أسد الغابة: ١/ ١٣٩٥، تهذيب الكمال: ٣٥/ ٢٤٧.
(٦) أخرجه الشيباني في «الآحاد والمثاني» (٥/ ١١٩).
(٧) أخرجه عبد الزاق في «مصنفه» (٣/ ٥٠٠ - ٦٤٧٧).
(٨) [ساقط] من (ب).
(٩) في (ب): " يعم ".
(١٠) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٤٧، ٣٤٨.
(١١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٢.
(١٢) سبق ترجمته (ص ١٩٦).