للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[١٦٢/ ب] وكذلك ذكر في «تحفة الفقهاء» (١): الشهيد نوعان: نوع يغسل، ونوع لا يغسل، وأمّا الذي لا يغسل فهو الذي في معنى شهداء أُحُد، وإلا فبقي على الأصل المعهود، وهو الغسل فإنّه سنّة للمولى، وبالمسلم احترازًا عن الكافر إذا قتل، وبالمكلّف احترازًا عن الصبي، والمجنون، وبالطّاهر احترازًا عن الجنب، والحائض، والنفساء إذا طهرتا على ما يجيء، وبكونه مقتولًا ظلمًا احترازًا عمّا قتل قصاصًا، أو رجمًا في حدّ، وعمّن افترسه السّبع، أو سقط عليه الحائط، أو سقط من جبل، أو غرق في الماء، أو ما أشبهه، ويخرج عن هذا أيضًا ما إذا كانت دابة المشرك، فنقلته من المشرك فليس عليها أحد، ولا لها سائق أو قائد فأوطأت مسلمًا في القتال فقتلته غسل عند أبي حنيفة، ومحمد -رحمهما الله-؛ لأن قتله غير مضاف إلى العدو أصلًا، بل قتل بمجرّد فعل العجماء، وفعلها غير موصوف بالظلم، وعند أبي يوسف -رحمه الله- لا يغسل؛ لأنه صار قتيلًا في قتال أهل الحرب، وبأي آلة كانت في قتال ثلاث طوائف؛ لأنه لا يشترط الآلة في قتال تلك الطوائف بعد أن يكون القتل بمباشرتهم أو … على ما يجيء، وبآلة جارحة، فإنّه يشترط على قول أبي حنيفة -رحمه الله- حتّى يغسل المقتول بالمثقّل، وبأن لا يجب المال بقتله احترازًا عن شبه العمد، والخطأ، وبحالة القتل احترازًا عن الذي وجب القصاص، ثم انقلب مالًا بالصلح، فإنّه لا يمنع الشهادة، واستثنى وجوب المال لشبهة الأبوّة، فإنّه إذا قتل الوالد ولده عمدًا يجب المال حالة القتل، ولا يمنع الشهادة، وخرجت الشبهة بسبب الأبوّة احترازًا عن شبه العمد، وبأن لا يمضى عليه وقت صلاة كامل بعد تصرّم القتال احترازًا عمّن صرع في المعركة مجروحًا، وهو يعقل، وقد تصرّم القتال، فإن مكث كذلك وقت صلاة أو صلاتين لا يكون شهيدًا؛ لأنه صارت الصلاة دينًا في ذمته، وهو من أحكام الأحياء، وبأن لا يمضي يوم أو ليلة حال القتال احترازًا عمّن مضى عليه ذلك، فإنّه لو عاش في مكانه يومًا أو ليلة، فإنّه يغسل، وإن كان دون ذلك لا يغسل؛ لأنه ليس في معنى شهداء أُحُد، فإنه لم يبق منهم أحد حيًّا بعد الجراحة يومًا كاملًا، أو ليلة كاملة، توضحيه أن القتيل يعيش قليلًا، ولا يعيش طويلًا، فجعلنا الفاصل بين القليل، والكثير يومًا كاملًا، أو ليلة كاملة؛ لأن كلًّا منهما يُعرف بنفسه، وما دون ذلك يُعرف بالسّاعات، ولا ضبط لها، وبأنّه لم ينتفع بحياته بشيء احترازًا عمّن انتفع بحياته شيء هذا كلي يدخل تحته جميع الانتفاعات من الأكل، والشرب، والكلام الكثير من أمور الدنيا كالبيع، والشرى، والذي انتقل من المعركة إلى موضع للمريض، استفيدت هذه الأحكام من إشارات «المحيط» (٢)، و «شرح الطحاوي» (٣).


(١) ينظر: تحفة الفقهاء: ١/ ٢٥٨.
(٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٠٧، ٣٠٨.
(٣) ينظر: الجوهرة النيرة: ١/ ١١٢.