للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: معنى قوله: (يزيدون ما شاءوا) أي: إذا كان ناقصًا عن العدد المسنون (١).

(وينقصون ما شاءوا) (٢) أي: إذا كان زائدًا على [العدد] (٣) المسنون، وهذا أوفق للتعليل الذي ذكره في الكتاب الرّث الشيء البالي (٤).

[١٦٥/ أ] وجمعه رثاث، وأرث الثوب (٥) أي: أخلق. وارتث فلان/ [وهو] (٦) افتعل على ما لم يُسمّ فاعله، أي: حمل من المعركة، (رثيثًا) أي: جريحًا، وبه رمق. كذا في «الصحاح» (٧).

وذكر في «الإيضاح» (٨): ومعنى الارتثاث هو أن يخلق شهادته من قولك: (ثوب رثّ) أي: خلق، وشهداء أُحدٍ ماتوا عطاشًا، فإنّه روي: "أنّهم طلبوا ماء، وكان السّاقي يطوف عليهم، فكان إذا عرض الماء على إنسان أشار إلى صاحبه حتّى ماتوا عطاشًا" (٩).

(ولو كلّم إنسانًا، ثم مات قبل أن يحمل لم يغسل) (١٠)، قيل: هذا إذا كان قليلًا ليس من أمور الدنيا، فإن من شهداء أُحد من فعل ذلك، أمّا إذا كان كثيرًا من أمور الدنيا كالبيع، والشراء غسل، ولو أوصى بوصيّة، ثم مات لم يغسل، وعن أبي يوسف [أنّه قال: يغسل] (١١)، واختلف المتأخرون في ذلك، منهم من قال هذا الاختلاف فيما إذا وصى بشيء من أمور الآخرة، فأمّا إذا وصى بشيء من أمور الدنيا يغسل بالاتفاق، ومنهم من قال: لا خلاف بينهما في الحقيقة؛ لأن ما قال أبو يوسف -رحمه الله- محمول على ما إذا كانت الوصيّة بأمر الدنيا، وأمّا إذا كانت الوصية بأمر الآخرة، فلا يغسل بالإجماع، واستدلّ محمد -رحمه الله- في الزيادات بحديث سعد بن الربيع (١٢)، فإنّه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال يوم أُحد: «من يأتيني بخبر سعد، فقال رجل: أنا آتيك بخبره فجعل يتفحص القتلى حتّى أدركه، وبه رمق فقال: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرئك السلام، ففتح سعد - رضي الله عنه - عينيه، وقال: رسول الله في الأحياء؟ قال: نعم، هو سالم، وقد بعثني إليك فقال: الحمد لله على سلامته، الآن طابت نفسي للموت، ثم قال: اقرأ رسول الله مني السّلام، واقرأ الأنصار السّلام، وقل لهم: لا عذر لكم عند الله إن قتل محمد، وفيكم عين تطرف، ثم قال أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّ لي كذا كذا طعنة كلها أصابت مقتلي، ثم مات» (١٣)، وكان من جملة شهداء أُحد. كذا في "المحيط" (١٤).


(١) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٤٨.
(٢) ينظر: العناية شرح الهداية ١/ ١٩٣.
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٤٨.
(٥) ينظر: العناية شرح الهداية ١/ ١٩٣.
(٦) [ساقط] من (ب).
(٧) (١/ ٢٨٣ - مادة "رثث").
(٨) ينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام: ١/ ١٦٩.
(٩) ذكره برهان الدين. ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٠٧.
(١٠) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٣.
(١١) [ساقط] من (ب).
(١٢) سعد بن الربيع بن عمرو، من بني الحارث بن الخزرج: صحابي، من كبارهم، كان أحد النقباء يوم العقبة وشهد موقعة بدر، واستشهد يوم أحد. ينظر: الثقات لابن حبان: ٣/ ٨٥، الجرح والتعديل: ٤/ ٨٢، الإصابة في تمييز الصحابة: ٣/ ٥٨.
(١٣) أخرجه مالك في «الموطأ» (٣/ ٦٦٣ - ١٦٩١)، من حديث يحيى بن سعيد.
(١٤) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٠٧.