للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في "الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة " (١) بعد قوله: وأخذُ القِيمة فيما لا يكون من ذواتِ الأمثال ينزُل منزلة أحدِ العين، فإن قِيل: ما ذكرتم يَشْكُلُ بِذميِّ استهلك عليه ذِميٌ خنزيرهَ حتى ضَمِنَ قيمتهَ فأخذَ القيمةَ، وقضى بها دَيْنًا عليه لمسلمٍ جاز، ولو كان أخذُ القيمةِ كأخذِ العين لمِا جازَ القضاءُ قِيل له: لما قضى بها دَيْنًا عليه وقعتْ المعاوضةُ بينه وبينَ صاحبِ الدَّيْنِ، وعند ذلك يختلفُ السبب، واختلافُ الأسبابِ يُنزَّلُ/ مَنزلةَ اختلافِ الأعيانِ على ما عُرِف، وكذلك ذكر سؤالًا في النكتة الثانية على قوله: فكذا لا يحميها لغيرِه، فقال: فإنْ قِيل: المسلمُ أو الذِّمِّي إذا غصبَ خِنزيَر ذِميِّ، وتحاكما إلى القاضي، فالقاضي يأمرُه بالردِّ والتسليم، والأمرُ بالردِّ، والتسليمِ حمايةٌ له قِيل له: نحن ندَّعِي إذا لم يكنْ له وِلاية حماية خنزير نفسهَ لا يكونُ له ولاية حماية خنزير غيرِه لغرض يستوفيه، وهاهنا لو حماهُ حماه لِغرضً يستوفيه، ولا كذلك القاضي فافترقا (٢).

وذكر الإمام الْمَحْبُوبِيّ -رحمه الله- (٣): وإذاً مرّ الذِّمِّي عليه بجلد الميتة، بل يأخذُ منه شيئًا، وذكر الفقيه أبو الليث -رحمه الله- (٤) رواية عن الكرخي -رحمه الله- (٥)؛ أنه يأخذ منه] شيئًا (٦)، فإنه كانَ مالًا في الابتداءِ أو يصيرُ مالًا في الانتهاءِ بالدَّفْعِ، فكانَ كالخمرِ لمِا ذكرنا في السَّوَائِم؛ لأنّ مالَ التاجرِ إذا مَرَّ به على العاشِر بمنزلة السَّوَائِم لحاجته إلى الحماية، وقد بينّا أنه لا يؤخذ من سوائم صبيانهم، ويُؤخذُ مِن سوائِم نِسائهم، فكذلك حُكْمُ التاجِر منهم إذا مرَّ على العاشر؛ لأن العاشِر لا يأخُذ مِن مالِ صبيانِ المسلمين، وإنْ مرَّ به عليه، ويأخذُ من مالِ نسائهم فكذلك يعامل مع بني تغلب؛ لأن الصلحَ جَدِّيٌ بيننا وبينهم على أن يٌضَعَّفَ عليهم ما يؤُخذ مِنَ المسلمين، وأمّا الْعُشْرِ، والخراجُ فيؤخذان منهما جميعًا على ما يجيء.


(١) يُنْظَر: تَبْيِينُ الْحَقَائِق (٢/ ١٥١)، الفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة (١/ ٣٠٩).
(٢) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة: (٢/ ٢٣٠).
(٣) يُنْظَر: حاشية رد المحتار (٢/ ٣٤٤)، الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٢٥١).
(٤) هو: نصر بن مُحَمَّد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي الفقيه، أبو الليث المعروف بإمام الهدى، تفقه على الفقيه أبو جعفر الهندواني وهو الإمام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة، توفي ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة.
يُنْظَر: سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاء (١٦/ ٣٢٢)، (الجواهر المضية (٢/ ١٩٦)، الأَعْلَام للزركلي (٨/ ٢٧).
(٥) هو: عبيد الله بن الحسين بن دلال بن دلهم أبو الحسن الكرخي، انتهت إليه رياسة أصحاب أبي حَنِيفَةَ، وكان كثير الصوم والصلاة صبورًا على الفقر والحاجة مولده سنة ستين ومائتين وتوفي ليلة النصف من شعبان سنة أربعين وثلاث مائة.
يُنْظَر: تاريخ بغداد: (١٠/ ٣٥٣)، تاريخ الإسلام: (١٥/ ٤٢٦)، الجواهر المضية: (١/ ٣٣٧).
(٦) سقطت في ب.