للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذُكَر في "الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة ": منِ مشايخنا مُنْ قالَ هذا إذا كانتْ الأرضُ في الأصلِ عُشرية بأنْ أسلمَ أهلهُا طوعًا إِلاَّ أَنهُ سَقَطَ عُشرهًا بالاختطاطِ للدارِ فإذا جعلها بستانًا عادتْ كما كانتْ، فأما إذا كانتْ خراجيةً في الأصلي عادتْ خراجيةً كما كانتْ، وقال بعضهم: العِبْرُة فيه للماءِ كما هو المذكور في الكتابِ؛ لأنّ وظيفة الأراضي باعتبارِ إنزالها، وحيويتها، وهي إنما يكونُ بالماءِ، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (١).

وهذا تنصيصٌ علَى أنّ المسلمَ يبتدأُ بتوظيفِ الخراجِ عليه، وهو يَعْضُدُ ما ذَكرهُ القاضي الإمام أبُو الُيسْر -رحمه الله- مِنْ قولهِ: ضَرْبُ الخراجِ على المُسلم ابتداءً جائز؛ لأِنهُ لا يجبُ على الكافرِ بطريقِ/ الذُّلِ، والصَّغارِ، قال شمسُ الأئمةِ السَّرَخْسِي -رحمه الله-: لا صغارَ في خراج الأراضي، إنما الصّغارُ في خَراج الجماجمِ فإن قِيلَ: قد ذَكَر مُحَمَّد -رحمه الله- (٢) في أبوابِ السِيَرِ مِنَ الزياداتِ (٣) (٤)، قُلَنَا: قال شمسُ الأئمةِ السَّرَخْسِي -رحمه الله-: معنى هذا أنه لا يُبتدأُ بتوظيفِ الخراجِ عليه (٥) إذا لم يكنْ منه صُنعٌ يستدعي ذلك وهاهُنا وُجِدَ منهُ صُنعٌ يستدعي ذلك: وهو السَقيُ منِ ماءِ الخراج إذ الخراجُ يجبُ حقًّا للمُقابلةِ، فيختصُّ وجوبُ الخراجِ فيما يسقى ماءُ جهة المقابلة، والماء الذي جَهُة القابلة ماءُ الخراجِ، فلذلك يجبُ الخراجِ إذا سقاه بماءِ الخراجِ؛ (لأنّ المؤنةَ في مِثْل هذا تدوُر مع الماءِ) (٦)، أي في الشيء الذي لم يَتَقَرّرْ أمُرُه على أنهُ عُشّري أو خراجي، فحصل الخارجِ بالماء، كانتِ العبرة للماءِ كما في إحياء المواتِ، وليسَ على المجوسي في دارِهِ شيءٌ، فإنُ قِيَلَ: لماذا خٌصَّ المجوسي بالذِكْرِ والحُكْمِ في اليهودِ والنصارى هكذا؟


(١) سورة الأنبياء الآية (٣٠).
(٢) في (ب): (مُحَمَّد -رحمه الله- في نوادره في ابواب السير).
(٣) كتاب الزيادات لمُحَمَّد بن الحسن الشَّيْبَانِيّ -رحمه الله- ولا يزال مخطوطاً وقد جمعه أبي يعقوب يُوسُف بن علي بن مُحَمَّد الجرجاني الحنفي في كتاب (خزانة الأكمل في الفروع) وهو ست مجلدات. ذكر انه محيط بجل مصنفات الأصحاب بدأ بكافي الحاكم ثُمَّ بالجامعين ثُمَّ بالزيادات ثُمَّ بمجرد ابن زياد والمنتقى والكرخي وشَرْح الطَّحَاوِيِّ وعيون المسائل وغير ذلك.
(٤) في (ب) زيادة وهي (أن المسلم لايبتدئ بالخراج).
(٥) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٣/ ١٣).
(٦) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١١).