للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: إنما خصّهُ بالذكْرِ؛ لأن المجوسيَ أبْعَدُ عن الإسلامِ من اليهودِ، والنصارى بدليلِ حُرمةِ نِكاحِ نسائِهم وذبائِحهم وإذا لم تجبْ الوظيفةُ في دارِ المجوسيَّ، والحالةُ هذِه أولى أنْ لا يجبُ في دارِ اليهود والنصارى (١)، كذا في "الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة "، وذكره شيخُ الإسلامِ (٢) إنما خصّهُ بالذكْرِ؛ لأنهُ قِيل لعمر -رضي الله عنه-: إن المجوسَي كُثَرٌ بالسّوادِ (٣)، فقال: "أعياني أمُر المجوسي" وفي القومِ عبدُالرحمن بنُ عوفٍ (٤) -رضي الله عنه-، فقال: سمعتُ رسولَ الله -عليه الصلاة والسلام- يقول: «سنَوا بالمجوس سُنةَ أهلِ الْكِتَابِ غيرَ ناكحي نسائهم» الحديث (٥) فلما سمَعَ عُمر بذلك عَمِلَ به، وأمرَ عُمّالَهُ بأنْ يمَسَحَوا أراضِيهم، وعامرِهمْ فيوظّفوا الخراجَ على أراضيهم بقدرِ الطاقةِ والرّيْعِ،] وعفا عنِ رِقاب دوُرهم (٦)، وعن رقابِ الأشجارِ فيها، فلما ثَبُتَ العفوُ في حقهم مع كونهم أبعد عن الإسلام يَثُبتُ في حقِّ اليَهودِ والنصارى بالطريق الأُولى، وإِنْ جعلها بستانًا فعليِه الخراجُ، وإنْ سقاهُ بماءِ الْعُشْرِ، وأنّ الثانيةَ للوصْلِ (٧)، وذَكَرَ الإمامُ الكشاني -رحمه الله- (٨)، فقال: وكذلك إذا سَقَاهَا بماءِ الْعُشْرِ] يَجبُ (٩) الخراجُ أيضًا؛ لأن الْعُشْرِ عبادةٌ، والكفرُ يُنَافيه (١٠)، وكذا ذُكَر في عامةِ شُروحِ "الجامعِ الصغيرِ" (١١) فقال الإمامُ التُّمُرْتَاشِي -رحمه الله-: ولو أحيا ذِميٌّ أرضاً أو اتخذَ دارَهُ بستانًا، أو رُضِخَتْ له أرضٌ لشهود القتالِ، فهي خراجية، وإنْ سقاها بماءِ الْعُشْرِ وعلى قياسِ قولهِما] ينبغي (١٢) أنْ يجبُ فيها الْعُشْرِ كالذِّمِّي إذا اشترى أرضًا عشريةً بخلافِ المسلمِ إذا جَعل دارَهُ بستانًا، وسقاها بماءِ الخراجِ حيث يوظفُ عليه الخراجُ عند الكُلِّ لما أنّ الإسلامَ لا يُنافي العقوبةَ، (والماءُ الخراجيُّ الأنهار التي حفرتها الأعاجمُ) (١٣) مِثلُ نهرِ المُلكِ (١٤)، ونهر (١٥) يزدجرد، ومروروذ (١٦)؛ لأنّ أصلَ تلكَ الأنهارِ بمالِ الخراجِ فصار ماؤُها خراجيًّا، وصارتْ الأرضُ خراجيةً تِبعًا (١٧)، كذا في مبسوطِ فَخْرُ الْإِسْلَام -رحمه الله- (١٨)، (جَيْحُون) (١٩) نَهرُ تِرمِذْ بكسر التاء، والذالِ المعُجمِة، (وسَيَحُون) (٢٠) نَهر الُّتركِ، وهو نهر خجند، (ودجلة) (٢١) بغير حرف التعريف نهر بغداد، (وفراتٌ) (٢٢) نهرُ الكوفة، كذا في "المُغْرِب" (٢٣)؛ (لأنهُ لا يحميها أحدٌ) (٢٤)، فلما لمْ يحمها أحد شابهتْ ماءُ البحارِ، وماءُ السماءِ، وهو عُشريُ بالاتفاقِ (٢٥)، فكذا هذا.


(١) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٢٥٥).
(٢) يُنْظَر: الجامع الصغير للشيباني (ص ١٣٢).
(٣) سَوادُ الناس عوامهم، والمعنى أن غالبية المجوس هم من العوام. يُنْظَر: مختار الصِّحَاح (ص: ٣٢٦).
(٤) سقطت في (ب).
(٥) أخرجه مالك في الموطأ (٩٦٨ - ٢/ ٣٩٥)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٣٣٣١٦ - ١٢/ ٢٤٣)، وعبدالرزاق في مصنفه (١٠٠٢٥ - ٦/ ٦٨). و الطبراني في المعجم الكبير (١٠٥٩ - ١٩/ ٤٣٧). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٦/ ١٣): " رَوَاهُ الطبراني وفيه من لم أعرفه ".
(٦) زياده في ب.
(٧) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة: (٢/ ٢٥٦).
(٨) هو: مسعود بن الحسن بن الحسين بن مُحَمَّد بن إبراهيم الكشاني، والد مُحَمَّد تقدم أبو سعد ركن الدين الخطيب. روى عن الشيخ سيف الدين أبي مُحَمَّد عبد الله بن علي الكندي، والخطيب أبي نصر مُحَمَّد بن الحسن الباهلي، وشمس الأئمة السَّرَخْسِي. روى عنه الإمام الصدر الشهيد حسام الدين أبو المعالي عمر بن عبدالعزيز بن عمر بن مازة، والشيخ ظهير الدين أبو المحاسن الحسن بن علي بن عبد العزيز بن عبدالرزاق بن أبي نصر الْمَرْغِينَانِي. مات سنة عشرين وخمس مائة له ثلاث وسبعون سنة.
يُنْظَر: (الجواهر المضية: ٢/ ١٦٨)، (معجم المؤلفين: ١٢/ ٢٢٦).
(٩) في (ب): (ثم).
(١٠) يُنْظَر: المَبْسُوط للسرخسي: (٣/ ٩)، بَدَائِعُ الصَّنَائع: (٢/ ٥٥).
(١١) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع: (١/ ١٣١).
(١٢) سقطت من (ب).
(١٣) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١١).
(١٤) نَهَرُ المَلِك: على طريق الكوفة من بغداد وهو يَسْقي من الفرات. يُنْظَر: المُغْرِب (٢/ ٣٣٥).
(١٥) سقطت في (ب).
(١٦) مَرْوُرُوذ بِخُرَاسَانَ بين بَلْخَ، ومَرْوَ، افتتَحها الأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ في خِلافةِ عُثْمَانَ -رضي الله عنه-. يُنْظَر: تاج العروس (٩/ ٤١٥)، المصباح المنير (١/ ٢٩٤).
(١٧) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة: ٢/ ٢٥٧.
(١٨) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٥٧٢)، الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١٥١).
(١٩) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١١).
(٢٠) يُنْظَر: المرجع السابق (١/ ١١١).
(٢١) يُنْظَر: المرجع السابق (١/ ١١١).
(٢٢) يُنْظَر: المرجع السابق (١/ ١١١).
(٢٣) يُنْظَر: (٢/ ١٢٨).
(٢٤) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١١).
(٢٥) يُنْظَر: المَبْسُوط (٢/ ٢٩٨)، الذخيرة للقرافي (٣/ ٨٢)، الأم (٢/ ٣٧)، الفروع لابن مفلح (٤/ ٨٧).