للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولهُ -رحمه الله-: هو الصحيحُ احترازاً عن قول الحسنَ بن زياد (١)، وقولُ خلف بن أَيوب (٢)، وقول نوح بن [أبي] (٣) مريم -رحمه الله- (٤)، فإن الحسَن بن زياد يقول: لا يجوزُ تعجيلها أصلًا كالأضُحيةِ، وقال/ خلف بن أيوب: (٥) يجوزُ تعجيلها بعَد دخُولِ شهر رمضانَ لا قبلَهُ، فإنهُ صدقةُ الفِطْرِ، ولا فِطْرِ قبلَ الشُروعِ في الصومِ، وقال نوحَ بن أبي مريمَ (٦): (يجوزُ تعجيلُها في النصفِ الأخيرٍ من رمضانَ) (٧)؛ لأن بمضي النصف، قَرُبَ الفطر الخاص فأخذ حكمه، ومنهم مَنْ قال: (في الْعُشْرِ الأواخرِ منه) (٨) (٩).

فَوجْهُ الصحةِ مذكورٌ في الْكِتَابِ لما أنُه إذاً بعدَ وجُودِ السببِ، فيجوُز كما في الزَّكَاةِ، (وإنْ أخرُوَها عن يومِ الفِطْرِ لم تسقط) (١٠)، وإنْ طالتْ المدةُ إِلاَّ على قولِ الحسن بن زياد (١١)، فإنه يقولُ: يسقطُ بمضي يومِ الفِطْرِ؛ لأنها قُرَبُةُ اختُصَتْ بيومِ العيد فكان قياسُ الأُضحيةِ يسقطُ بمضي أيامِ النحرِ، ولنا أنَّ هذه صدقةٌ ماليةٌ، فلا تَسقطُ بعد الوجوبِ إِلاَّ بالأداءِ كزكاةِ المالِ، ولا يقولُ بسقوطِ الأضُحيةِ، ولكن ينتقلُ الواجبُ إلى التصدّقِ بالقيمةِ؛ لأن إراقَة الدّمِ لا تكونُ قربةً إِلاَّ في وقتٍ مخَصوصٍ، أو مكانٍ مخَصوصٍ، فأمّا التصدّقُ بالمالِ فَقُرْبُةُ في كُلِّ وقتٍ. هذا كُلُّهُ من المَبْسُوط (١٢).


(١) يُنْظَر: المَبْسُوط (٣/ ١٩٩)، تُحْفَةِ الْفُقَهَاء (١/ ٣٣٩).
(٢) هو: خلف بن أيوب، الإمام، المحدث، الفقيه، مفتي المشرق، أبو سعيد، العامري، البلخي، الحنفي، الزاهد، عالم أهل بلخ، تفقه على القاضي أبي يُوسُف، وكان من أصحاب مُحَمَّد وزُفَر، (ت ٢٠٥ هـ).
يُنْظَر: سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاء (٩/ ٥٤١)، الجواهر المضية (١/ ٢٣١)، الوافي بالوفيات (١٢/ ٢٢١).
(٣) زيادة في (ب).
(٤) هو: نوح بن ابى مريم أبو عصمة المروزي، قاضي مرو، روى عن الاعمش وابن جريج وأبي حمزة السكري وبهز بن حكيم. روى عنه شعبة وعبدالرحمن بن علقمة المروزي قال أبو محمد: وروى عن حجاج بن أرطاة، وأبي حازم المديني وأبى إسحاق الهمداني وسعيد الجريري.
يُنْظَر: (التاريخ الكبير: ٨/ ١١١)، و (الجرح والتعديل: ٨/ ٤٨٤)، و (تهذيب التهذيب: ١٠/ ٤٣٣).
(٥) يُنْظَر: المَبْسُوط (٣/ ٢٠٠)، بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٧٤)، مجمع الأنهر (١/ ٣٣٧) وقال في مجمع الأنهر: وعليه الفتوى ا. هـ.
(٦) يُنْظَر: المَبْسُوط (٣/ ٢٠٠)، مجمع الأنهر (١/ ٣٣٧).
(٧) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١٧).
(٨) يُنْظَر: المرجع السابق (١/ ١١٧).
(٩) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٢٩٩).
(١٠) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٣٨).
(١١) يُنْظَر: المَبْسُوط (٣/ ١٩٩)، تُحْفَةِ الْفُقَهَاء (١/ ٣٣٩).
(١٢) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي: (٣/ ١٩٩).