للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثانية: أنّ العبدِ إذاَ كانِ للتجارةِ يجبُ على المولى زكاةِ التجارةِ إذا تَمَّ الحولُ بانفجار الصبحِ مِنْ يومِ الفِطْرِ (١).

قلت: هاتان المسألتان شاهدَتان على الأصل المعهودِ هو أنّ المعلولَ مُقارِنٌ للِعلَّةِ في الوجودِ، وللشروطِ متعقب عن الشرطِ في الوجودِ، وكذلك في البيعِ إذا قالَ لعبدهِ: إنْ بعُتكَ فأَنتَ حُرٌّ حيثْ يَصِحُّ البيعُ على ما يجيء في موضعهِ إنْ شاءَ اللهُ تعالى، (وعلى عكسه مَنْ ماتَ فيها مِن مماليكه، أو ولده) (٢)، أي: عِنْدَنَا لا يجبُ لِعَدَم تحققُ شَرْطِ وجوبِ الأداءِ، وهو طلوعُ الفجرِ مِنْ يومِ الفِطْرِ، وعنَدهُ يجبُ لتحققِ شُرْطِ وجوبِ الأداءِ عندِه، وهو غروبُ الشمسِ في اليومِ الأخيرِ منْ رمضانَ، وهو حيٌّ، ومَنْ ماتَ بعَد طُلوعِ الفجرِ تجبُ الفِطْرِة عنه بالاتفاقِ (٣).

ولا خلافَ أنَّ وجوبَ الصدقَة يِتعلقُ بالفِطْرِ منْ رمضانَ (٤)، وإنما الخلافُ في وقتِ الفِطْرِ من رمضانَ عندنا (٥) وقتَ الفِطْرِ عنَد طلُوعِ الفجرِ مِنْ يومِ الفِطْرِ، وعندهُ (٦) وقتُ غروبِ الشمسِ مِنَ الليلةِ التي يُهِلُّ فيها هِلالُ شوال، (والاختصاصُ للفِطْرِ باليومِ دُونَ الليلٍ) (٧)؛ لأنّ حقيقةَ الفطرِ عندَ غُروبِ الشمسِ، كما يكونُ في اليومِ الآخرِ كذلك كان فيما قبلَهُ فالفِطْرِ من رمضانَ إنما يتحققُ بما يكونُ مخالفًا لما تَقَّدم، وذلك عنَد طُلوعِ الفجرِ؛ لأنّ فيما تقدّمَ كان يلزمُهُ الصومُ في هذا الوقتِ، وهذا اليومُ مُسمى بيومِ الفطر، والأوُلى من الحجةِ في هذا ما رُوِيَ عن النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- أنهُ قال: «أنهاكم عن صومِ يومين: يوم تفطرونَ فيهِ منْ صومِكم، ويومٍ تأكُلُ فيهِ لحمَ نُسكِكِم» (٨)، ويُستحبُ أن يخُرِجَ الناسُ الفِطْرِة قبلَ الخروجِ إلى المصُلّى (٩)؛ لأنّ هذا مِن السُّنةِ المستحبةِ التي ذكرناها، وهي الاغتسالُ، والاستياكُ، والتطيّبُ، ولبسُ أحسنِ ثيابهِ، وأداءُ الفِطْرِة، وتناولُ الشيءِ قبلَ الخُروج (١٠).


(١) يُنْظَر: البحر الرائق: (٢/ ٢٧٥).
(٢) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١٧).
(٣) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة: (٢/ ٢٩٧، ٢٩٨).
(٤) يُنْظَر: الْحَاوِي (٣/ ٦٢)، بداية المجتهد (١/ ٢٨٢)، الْمُغْنِي (٢/ ٦٤٦)، المَبْسُوط (٣/ ١٩٥).
(٥) يُنْظَر: حاشية الطحطاوي (١/ ٣٤٨)، اللباب (١/ ٨٢).
(٦) يُنْظَر: المهذب (١/ ١٦٥)، الْحَاوِي (٣/ ٣٦١).
(٧) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١٧).
(٨) رَوَاهُ أبو داود في سننه، كتاب الصوم، باب إذا أخطأ القوم الهلال (٢٣٢٦)، وابن ماجه في سننه، كتاب الصوم، باب ما جاء الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون (٦٩٧)، وابن ماجه في سننه، كتاب الصوم، باب ما جاء في شهري العيد (١٦٦٠). من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. قال الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود: (٥/ ٤١٦): صحيح.
(٩) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١٧).
(١٠) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي: (٣/ ١٩٥).