للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(لتحتمهِ للحال، وتخيرِهِ في صومِ رمضانَ) (١)؛] لأنَّ القضاءَ لَازِمُ للحالِ فَيُؤَاخَذُ بهِ (٢)، وصومُ رمضانَ لا يلزَمُ ما لم يُدْرِكِ العدةَ حتى إذا ماتَ قبلَ الإدراكِ ليسَ عليهِ شيءٌ، وعنهُ في نيةِ التطوعِ روايتان، أيْ: في روايةٍ يقعُ عن فرضِ الوقتِ لما ذُكر في الكتابِ: (أنهُ ما صرفَ الوقتَ إلى الأهَمِّ) (٣)، وهو إسقاطُ الفرضِ عن ذمتِهِ، وإنما قصدَ تحصيلَ الثوابِ، والثوابُ في الفرضِ أكثرُ، ولِأَنَّ صومَ النفلِ يستغنى عن ذكرِ النَّفل، فكان التقييدُ بالنفلِ لُغواً، فيلحقُ بمُطلقِ النيةِ، وفيهِ يقعُ عن الفرضِ فكذا هنا، وفي روايةٍ: يقعُ عمّا نَوى مِنَ النفلِ؛ لأنَّ رمضانَ في حقِّ المسافرِ كشعبانَ في حقِّ المقيمِ على معنى أنهُ مخُيرٌ بيَن أنْ يصومَ أو يُفْطِرَ، فلذلك يقعُ عمّا نَوى سواءً كانَ نفلاً أو واجباً، وصومُ الكفارةِ، وهي كفارةُ اليمينِ، والظهارِ، وكفارةِ القتلِ، وجزاءِ الصيدِ، والحلقِ، والمتعةِ، وكفارةِ رمضانَ،/ وكذلك النَّذْرُ المطلقُ أيضاً لا يَصَحَّ إِلاَّ بنيةٍ من الليلِ، كذا في الفتوى (٤)،

والنفلُ كُلُّهُ تجوزُ نيتُهُ قبلَ الزوالِ (٥)، أيْ: قبلَ انتصافِ النهارِ سواءً كانَ مُسافراً أو مُقيماً (٦)، فإنهُ يتمسَّكُ بإطلاقِ ما رَوَيْنَا، وهو قولهُ -عليه الصلاة والسلام-: «لا صِيامَ لمَنِ ْلم يَنْوِ الصِّيَام مِنَ الليل» (٧)، ولنا قولُه -عليه الصلاة والسلام- بعدَ ما كانَ يصِبحُ غيرَ صائِمٍ: «إني إذاً صائِمٌ»، عن عائشةَ -رضي الله عنها-: أنّ رسَولَ اللهِ -عليه الصلاة والسلام- كانَ يدخلُ على نِسائِهِ، ويقولُ: «هَلْ عْنِدَكُنَّ مِنْ غَدَاْء» فإنْ قُلْنَ: لَاْ، قالَ: «إني إذاً لصائِمٌ» (٨)، وفي حديِث عاشوراءَ: أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «ومَنْ لم يأكلْ فَلْيَصُمْ» (٩)، فإنَّ كانَ صومُ عاشوراءَ نفلاً فهو نصٌّ، وإنْ كانَ فرضاً فجوازُ الفرضِ بنيةٍ مِنَ النهارِ دَليِلٌ على جوازِ النفلِ بها بالطريقِ على ما ذكرنا، هو قولُه، ولأنهُ يومُ صومٍ فيتوقفُ الإمساكُ في أولِهِ على النيةِ المتأخرةِ المقترنَةِ بأكثرِهِ كِالنفلِ (١٠).


(١) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١٨).
(٢) سقطت في (ب).
(٣) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١٨).
(٤) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣١٠، ٣١١).
(٥) يُنْظَر: بداية المبتدى (١/ ٣٩).
(٦) يُنْظَر: المَبْسُوط للسرخسي (٣/ ١٥٣)، تُحْفَةِ الْفُقَهَاء (١/ ٣٤٩).
(٧) سبق تخريجه، ص (٢٦٦).
(٨) رَوَاهُ مسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال (١٩٥١)، من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
(٩) سبق تخريجه، ص (٢٦٢).
(١٠) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣١١، ٣١٢).